لا مرحبا بالسيسي السفاح الانقلابي ـ رأي

ذكرت بعض المصادر الإعلامية باحتمال قدوم السيسي لحضور تنصيب صاحبه عزيز، نعم الرئيس السفاح الحاكم الحالي لمصر، إثر انقلاب 3 يوليو2013 على الرئيس الشرعي المنتخب محمد مرسي.

ترى ماذا يريد السيسي، من خلال حضوره الفعلي، إن حصل، أو المروج له، على الأصح فهل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، لسد ثغرات أزمة التنصيب بعد فبركة النتائج، وخصوصا نسبة المشاركة عندنا؟.

هذا السؤال الصعب، قبل الخوص في محاولة الإجابة عليه، لابد من "ابروفا" ترحيب خاصة بالانقلابي السفاح الوحشي السيسي، يا عبد الفتاح السيسي، وأأسف أن في اسمك نسبة من اسمي، لا مرحبا بك، سواء قدمت إلى أرض شنقيط الطاهرة، أم لم تتجرأ على القدوم، رغم أنك جسور متهور حتى النخاع، ولكن لست وحدك في هذا السلوك المشين، فمتطرفي الكون كثيرون، من المسلمين وغيرهم، فاحسب بدقة قبل القدوم إلى موريتانيا، المضطربة في العمق المستقرة استقرار هشا في الظاهر.

أجل لا مرحبا بك ولا سهلا، خصوصا بعد الانقلاب وإجهاض الربيع العربي المهم، رغم بعض الملاحظات على هذا الربيع، فقد أجهضته فعلا، أو حاولت ذلك وقصدته قصدا، عبر أنانيتك وحبك المفرط للسلطة، وليس عن طريق خطة وهمية رسمتها كما تدعي لإنقاذ مصر، كنانة الله في أرضه، وأم الدنيا، وستظل كذلك بإذن الله، أبدا ودائما، ما بقي للإسلام والعروبة عنوان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوصيكم بأهل مصر خيرا ، فإنهم في رباط إلي يوم الدين".

ولتعلم أن موريتانيا بؤرة جحيم خادعة، وبجوارها وداخلها المتطرفون، وبعض منهم من أبناء جلدتي من الإسلاميين، الغاضبين لمقتل إخوانهم المصريين الأطهار من مختلف المشارب كل يوم في عموم التراب المصري، وخصوصا أيام الجمعة، منذ مؤامرة 30 يونيو 2013 الثورة المضادة، التي مولها السعوديون والامارتيون، خوفا منهم واحتياطا لسقوط عروشهم، عن طريق تيار الربيع العربي المبارك، المقتلع يوما ما لجذور الاستبداد والاستحواذ على الحكم العمومي والثروة العمومية دون وجه مريح من طرف الرعية.

دون تردد -أقول لك يا سيسي- أنت تقتل هؤلاء المصريين عن قصد وإصرار، طاعة للسعوديين والإماراتيين، أزال الله ملكهم، وبدعم من اللوبي الصهيوني الدولي.

واليوم تأتي إلى تنصيب سميك عندنا، لتعلمه فن القتل وعدم التردد عن أي موبقة.

لا ورب الكعبة لن تدخلها إلا.....

يا أحرار العالم تحركوا، ورب الكعبة لو دخل السيسي إلى أرض شنقيط، لانتقل الحريق العربي، بدل الربيع العربي من القاهرة إلى نواكشوط، فأنت لا تقدر مستوى غضب جماهير نواكشوط الغفيرة الصامتة، من الإسلاميين والقوميين وغيرهم، من غير المنتمين أيديولوجيا، فبعد الفطر عام أول أقدمت على الذبح والتمثيل بجثث إخواننا الشهداء والشهيدات، وما أسماء محمد البلتاجي، الفتاة اليافعة في عمر الزهور، عن نفوسنا وذاكرتنا الجمعية ببعيد، وغيرها من الصور المذهلة في صبرا وشاتيلا مصر، رابعة والنهضة، وفي شهر شوال المبارك، شهر العيد و الفطر والفرح بفضل الله، بعد الفراغ من واحدة من أعظم شعائر الرب، سبحانه وتعالى، رمضان الصيام والقيام، يا معشر القاعديين، وإن لم نرتضى أسلوبكم، إلا حين يكون إضطراريا، لا تقدموا على قتله، فروحه أقل قيمة من روح جرادة في صحرائنا المترامية الأطراف، تماما مثل صبرنا الواسع، الذي يغلب إلى حين حلما ودهاء، ثم ينفجر حينا دما وانتقاما" ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون".

لا داعي للقتل، وإنما التهديد فحسب، فعزيز مجنون إن سمح بتحدينا إلى هذا الحد، وقد فعل هو ومعاوية من قبل، عبر إحضار وزير خارجية اسرائيل، يومها كانت القاعدة العنيفة أقل شأنا، فلتحسبوا لفارق الوقت والتغيرات.

ولا خير في تطرفها، إن لم تسعفنا ببيان صريح، بتهديد السفاح السيسي، وتهديد الانقلابي عزيز إن سمح بذلك الحضور المرتقب، مجرد تهديد وحروف معدودة محدودة، إن أقدم على القدوم، فتلك فرصة، قد لا يضيعها بعض سفهاء الإسلاميين -إن جاز الإطلاق- فالسيسي وعزيز، من مدرسة واحدة، وقد لا يفل الحديد إلا الحديد

أَقسَمتُ يا نَفسُ لَتَنزِلِنَّه

طائِعَةً أَو لا لَتُكرَهِنَّه

إِن أَجلَبَ الناسُ وَشَدّوا الرَنَّة

ما لي أَراكِ تَكرَهينَ الجَنَّة

من شعر الصحبي الشهيد "عبد الله بن رواحة"

وإن ظفروا بك ولم يمثلوا بجثتك القذرة، فذلك التزام منهم بالدين الإسلامي الحنيف، ولو جاز التمثيل في الإسلام، لجاز في حالك يا ضيفنا "الكريم" عبد الفتاح السيسي.

اللهم أحفظنا من شره، وأقلب عليه كيده في أرض الكنانة وفي أرض العرب والمسلمين كلهم، فهو يدخل من هنا وهناك، في الجزائر وإفريقيا، مبشرا بتنفيذ مخطط صهيوني يحمله في دمه، إثر أن أصابه عرق دساس، من أمه اليهودية الصهيونية المغربية، وخاله كان إلى وقت قريب في الكنيست الاسرائلي البرلمان عند الكيان الصهيوني، فهل يظن الصهيوني، غير المستحق شرعا للجنسية المصرية، أننا غافلون.

جرب تعال إلى نواكشوط، ستجد "أرسول" ناحر صلى الله عليه وسلم.

فقط "ابروفا اشوي ترحيب" على الطريقة المشرقية، عند "داعش" وغيرهم، ممن فهم الدرس قبلنا، وبدأنا نعيه تدريجيا لاحقا، مع تجنب الدم والانتقام المشين واستغلال التهديد والوعيد، دون الوصول إلى مخالفة القانون أو شرعنا السمح الكريم الحكيم.

ومن الغريب أن علمانيي العالم العربي  (المنافقين الجدد أو بعضهم على الأصح) والصهاينة والأمريكان وغيرهم من أهل الصليب والوثنيين وسائر الكفار والمنافقين داخل الوطن العربي، كل هؤلاء لم يحسبوا، فالديمقراطية أو الشورى بالمعنى الإسلامي، لابد أن تبزغ شمسها، حاضرا أو مستقبلا، وخير لهم، وأقل ضررا بالنسبة لهم وبالنسبة لنا ربما، من ربيع إسلامي جديد، لاح أول أفقه في أرض الشام والعراق، وخصوصا في الموصل العراقية، ردة فعل على كثير، وخصوصا وحشية المالكي أو الهالكي على الأصح، الذي سيقتل خلال أيام أو أسابيع على الأكثر، على يد من أهانهم من أهل السنة أو أهل الشيعة على السواء، فكلهم في جحيم الاستبداد والاستحواذ سواء، فخير لكم يا عزيز والسيسي أذناب أمريكا واسرائيل وغيرهما من ممثلي جاهلية القرن الواحد والعشرين (طالع إن شئت عن جالية القرن العشرين لسيد قطب ومحمد قطب شقيقه رحمهما الله).

يا منافقي العالم العربي وكفار العالم، خير لكم وأقل عقابا، أو ربما يتيح فرصة تعايش ومشاركة حضارية سلمية الربيع العربي من الربيع الجديد المؤكد، من خلال كل المؤشرات والبشائر لله الحمد والمنة، فسيكون ربيعا إسلاميا خالصا، أو ربما خلافة راشدة تدخل الإسلام تحت سقف كل سكن من وبر ومدر، بعد تقييم وتحسين وتوسيع تجربة "البغدادي" الموصلي وغيرها وتنقيح سلبياته وتعزيز إيجابياتها من قبل عقلاء ورشداء العالم أجمع.

ويبقى السؤال معلقا، ما الذي يريده السفاح السيسي في أرضنا، إنه مجرد مأمور، فبعد الدور الشكلي الذي لعبه عزيز، من خلال رئاسة الاتحاد الإفريقي، ومن خلال –بوجه خاص- عدم تعكير رجوع مصر السيسي وليس مصر الحقيقية، فتلك عظيمة إفريقيا، وتعرف إفريقيا مكانتها، ومكانتها في القلب حتى في أحلك الأيام، مثل الحالة الراهنة، أقول بعدما لم يعترض، بل شجع الرجوع على غرار رجوعه إبان انقلابي 2005 و2008 ، خصوصا  بعد أن سمح له الإماراتيون والسعوديون، بالانتماء للوبي إجهاض الربيع العربي، والتخطيط لإيقاف مد الربيع العربي نسخة 2014، أو الربيع الإسلامي الجديد، لكن قد أحيط بكم من كل فج عميق، وهذا لا قبل لكم به، واليوم قصاص الشعوب وغدا قصاص رب الشعوب، وما العقاب على يد الشعوب إلا جزء لا يتجزأ، طبعا من العقاب الرباني المستحق ضدكم، فاصبروا أو لا تصبروا، فما نسينا ولن نغدر ولن نهمل القصاص المشروع، بوجه مشروع  لدماء إخواننا في صبرا وشاتيلا العرب رابعة والنهضة في يوم:14 أغسطس 201، ولعل المواقع مثل رمسيس ومسجد الفتح لا يمكن حصرها، يا ضيفنا الكريم الموقر، السفاح القاتل، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن من ما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فأصنع ما شئت" رواه البخاري.

لا أعتقد أن السفاح سيأتي فعلا إلى نواكشوط يوم 2 أغسطس2014 فهو داهية، وقد لا يتردد في القتل، أو حتى محاولة التخطيط لاغتيال صحفي مثلي، في غرب إفريقيا، ولكن كل هذا بإذن الله، لن يقع إن شاء الله من منه وحفظه، فحضوره إلينا لتنصيب المستبد المستحوذ عزيز مجرد دعاية وتغطية على أزمة نظام عزيز وغزواني، التي وصلت إلى حد لا يمكن تجاهله أو الصبر عليه، عند عزيز خصوصا وأنصاره في العالم العربي والغربي على السواء، فتظاهرة التنصيب محاولة إنقاذ، قد لا تنجح على وجه راجح، والمحتمل أن تتحول إلى فتنة، إن لم يتراجع ولد عبد العزيز وحلفائه من العرب والغرب، عن قرار الحشد المصري الخليجي الإفريقي الغربي) المبتغى منه الكثير.

فلا تتردد يا صاحبنا في التعقل والاعتذار للسيسي عن الحضور، لأنه نهاية حكمك باختصار، على يد زملائك من العسكر، قبل القاعدة وغيرهم، فـ"اصنادره"، عندنا يعرفون تفاصيل لعبتهم القذرة، المستورة الاغتيالات في أغلب الأحيان، وإن كانت المكشوفة في شق المال وصنوف الاستبداد الأخرى، وأما التأسي بالسيسي، فالعسكر الموريتانيون قبلنا، يعلمون أنها نهاية حكم عزيز باختصار، إن شاء الله، على وجه سلمي مخلص، ما ذلك على الله بعزيز. فموريتانيا غير مصر، ولا يصلح لها النهج السيسي ونهج محمد براهيم التصفوي المعلن، وإن كان عندنا بعضه بالأسلوب المحلي الخاص.

السيسي نذير شؤم، صدقوا أو لا تصدقوا، وإن بقي احتمال قدومه للتنصيب واردا، فالحكام المستبدون مغرورون، ولا يهمهم النصح أو مخاطر الفتن ولو وقعت فعلا.

فلتدعوا الله أن لا يأتي، وأن يكفينا شرهم جميعا، أباطرة أبوظبي والرياض الذين يشرعون ويشجعون الانقلابات، ويستحسنون دم الإخوان المصريين ومن غير الإخوان أحيانا، عسى أن لا يصل إليهم الربيع العربي، الذي أبدله الله  من شدة غضبه وانتقامه وقصاصه الرباني العادل لعباده المقتولين المغدورين في مصر وغيرها بربيع "داعش"، لا يبقي ولا يذر، فاختاروا بين الإخوان وداعش والقاعدة، ولاشك أنكم لن تختاروا واحدا منهم، وستسيرون على وجوهكم، في تجاهل مستمر لسيل الغضب الشعبي.

فأمريكا لم تتخلى عن مبارك إلا في اللحظة الأخيرة، وأبدلته بأشنع منه، وحتى الآن لم تتبرأ من "الهالكي" رغم رعونته، ولن تتخلى فرنسا عن دعم حفل تنصيب سيسي موريتانيا، عزيز، ومباركة الحشد المنتظر البغيض الانقلابي الدموي، يوم 2 اغسطس2014 الموعد المنذر، بعهد جديد في غرب إفريقيا والمغرب العربي، إن وطئت قدم السيسي فعلا أرض نواكشوط الطاهرة حفظها الله.

عزيز أنصحك لا تفعلها، تخلص من حضوره بأي أسلوب، وإلا فويلك من رب حي قيوم لا ينام، ولا ينسى قضايا المظلومين ولا غيرها.

فدماء المصريين في رابعة خصوصا والنهضة ورمسيس ومسجد الفتح وغيره، مازالت متعلقة إن شاء الله بأسوار العرش تندب وتدعو للانتقام: "الرحمان على العرش استوى".

ويلك ويلك يا غبي،  لا تحارب الرحمان، فالسيسي مستدرج ممهل وليس مهملا، فلا تكن مثله تماما، لا يغرنك لمعان الكرسي، ابتعد احذر قبل فوات الأوان.

قال تعالى"أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون".

اللهم إن جاء السيسي فخلصنا منهم جميعا غير فاتنين ولا مفتونين، "والله خير حافظا وهو خير الرازقين".

بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة "الأقصى"

محاضرة حول "التاريخ السياسي للدولة الموريتانية"

نظمت المنظمة الشبابية للإصلاح والتنمية اليوم"الخميس26-06-2014" بفندق الخاطر محاضرة تحت عنوان: محطات من التاريخ السياسي للدولة الموريتانية. وقد ألقى المحاضرة الأستاذ والباحث والمفكر سيد أعمر ولد شيخنا، أمام العشرات من المشاركين في ملتقى الوعي والريادة. وقد تناول المحاضر المحاضرة في نقاط:

الدولة والمركزية


وعن هذه النقطة قال المحاضر سيد أعمر ولد شيخنا إن موريتانيا لم تشهد دولة مركزية، لكن هاجس الدولة ظل حاضرا عند النخب والمجاهدين، حيث أقام الحاج عمر الفوتي الدولة العمرية في منطقة النهر، وقد كان هنالك حضور للدولة الصوفية حينها.
وأشار ولد شيخنا إلى أن باب ولد الشيخ سيديا كان متأثرا بالدولة التي أقام الفرنسيون بالسينغال، كما كانت الإمارات التي كانت موجودة كانت تمثل دويلات صغيرة.


عوامل استقلال


وفي إطار حديثه عن عوامل الاستقلال قال المحاضر إن فرنسا دخلت موريتانيا متأخرة، لكن الأخيرة ظلت موضعا استيراتيجيا مهما لفرنسا،  وفي ذلك الإطار ظل الفرنسيون يخشون من نمو الحركة الوطنية.
وأكد ولد شيخنا أن الثورة الجزائرية(1954)كانت عاملا كبيرا في استقلال موريتانيا لأن فرنسا كانت تعتبر الجزائر قطعة أساسية من إفريقيا، مضيفا أن فرنسا أعطت الاستقلال للمغرب وتونس من أجل التفرغ للثورة الجزائرية.

مخاض الدولة


أما عن مخاض الدولة الموريتانية فقال ولد شيخنا إنه كانت أمامه أربع سيناريوهات:
1- الالتحاق بالمغرب..
2- الانضمام إلى فيدرالية مالي(السودان الفرنسي)" وكان من أهم دعاة هذا التيار: يعقوب ولد ابو مدين.
3- الانضمام إلى منظمة الأقاليم الصحراية، نظرا لأنها كتلة صحراوية لديها قسمات مشتركة.
4- استقلال موريتانيا.


موريتانيا والهوية

 

وفي إطار حديثه عن محور موريتانيا والهوية قال ولد شيخنا إن الهوية الإسلامية لموريتانيا كانت شبه محسومة لدى الموريتانيين، رغم أن دستور 1959 نص على أن الإسلام دين الشعب، وبالتالي لم تأخذ الدولة طابعة الدين الإسلامي. حسب قوله.

وأكد ولد شيخنا أن القضية الفلسطينية كانت حاضرة لدى الموريتانيين قبل استقلال ، وقد دافع عنها أحمدو ولد حرمة ولد بابانا في البرلمان الفرنسي، وهو حينها لا يعرف مكانتها على الخريطة. حسب  قوله.

الوعي السياسي


واعتبر ولد شيخنا أن من أهم أسباب انتشار الوعي السياسي الموريتاني ما يلي:
- النهضة: والتي كانت تمثل التقدمية والتيار الإسلامي، كما كان يصفها أحد قادتها. يقول ولد شيخنا.

- هجرة الموريتانيين إلى مصر التي أسهمت في بروز الوعي السياسي الموريتاني.
- الحركات السياسية الموريتانية:، وفي هذا الإطار أشار ولد شيخنا إلى أن الوجود الأسبق كان للإخوان المسلمين، حيث كان يتردد على موريتانيا أحد قادة الإخوان المسلمين من دولة مصر، وفي سنة 1962 تم تأسيس أول جمعية لدى وزارة الداخلية الموريتانية، إلا أن هذه الجمعية لم تستمر، وقد تم اختيار المختار ولد حامد رئيسا لها.
- القوميون: كان لهم حضور مهم من خلال معهد أبي تلميت ومدارس نواكشوط.
- اليسار: أسهموا في بث وعي سياسي تحرري، وكان لانتشار الحركة اليسارية  عوامل داخلية وخارجية.


موريتانيا والعسكر


واستهل ولد شيخنا حديثه عن العسكر بقولة تاريخية مفادها أن العسكر في موريتانيا لم يكن مولعا بالسلطة في السابق على خلاف الحاضر. واستدل على المقولة برفض مصطفى قائد الأركان حينها الانقلاب، معللا ذلك بأن العسكر لا يصلح للحكم وأن المختار أمنه على ذلك، وأنه يرفض بتاتا الزج بالجيش في السياسة.

وأكد ولد شيخنا أن الجيش الموريتاني مختطف- مثل السلطة- ولا يحكم موريتانيا الآن. وأضاف ولد شيخنا أن اغتيال الديمقراطية تم سنة1964، عندما أصبحت موريتانيا تعيش مرحلة الحزب الواحد والزعيم الواحد.

ابقوا على الحوار... فلن يتوقف القطار / الولي ولد سيدي هيبه

...لو عرفنا أين نحن و ماذا جرى بنا، لعرفنا ماذا نفعل و هل ما فعلناه كان كما يجب" ابراهام لينكولن

لا شك أن الإعلان عن تعثر الحوار بين الأطراف المشاركة الثلاثة في هذه اللحظات الحرجة و عند هذا المنعرج الدقيق المطبوع بحاجة البلد الملحة إلى توافق طيفها السياسي حول أدنى سقف يمكن السكوت عليه لمواصلة المشوار

 من أجل تجذير الديمقراطية التي لا غنى عنها في قابل الأيام و ليحفظ للبلاد إلى ذلك توازنا ملحا يقيها السقوط في منزلقات الشطط - كان بمثابة الخبر الذي شكل ضربة قاسية لذهنية لمواطن موريتاني توهمته للحظة أن كل طرف قادر بمفرده خلال الحوار:
·        على الحفاظ على بعض مصالحه التي يهددا دوام الخلاف،
·         و إثبات أن القدرة على قبول تقاسم التنازلات مع الأطراف الأخرى هو من باب الإدراك الراقي بمسؤولية الحفاظ على المصلحة العامة و أن ذلك خير من ضياع كل شيء بل و أولى من خيبة أمل الجميع.
و لعل أهم ما يعانيه من شاءت لهم الأقدار أن يكونوا القادة السياسيين و انتدبوا أنفسهم دون أي إجماع جماهيري للحوار هو افتقادهم اللغة المناسبة للحوار، و توهم فئة منهم معتبرة أنها ملمة بجميع الأمور، محيطة بكل القضايا و تسعى بكل ما أوتيت من طاقات إقناع غيرها بوجهة نظرها و لو كانت على غير صواب سواء أكانت تدرك ذلك أم لا، وتدعي العلم ببواطن الأمور كما لو كانت هي القادرة وحدها على التوجيه الصحيح و اتخاذ القرار الصائب.
و هل يعقل أن يظل مثل هؤلاء السياسيون المترفون يستنزفون وقت الأمة في تبادل كيل الاتهامات بعضهم للبعض و لا سبيل إلى التفكير المتوازن من جهة فيما تمر به البلاد من أزمات اجتماعية حادة مردها العجز عن مواجهة الواقع المرير، و اقتصادية بارزة لا تخطئها العين و مردها هي كذلك غياب الوازع الوطني، و لا في وضع خطط تأخذ قوتها من الواقع و تستند على المتاح للعمل الجاد من أجل الخروج منها أزمات حقيقية بأقصى سرعة ممكنة.
و هل يعقل أن يظل هؤلاء السياسيون يتعاطون نصف الكوب الفارغ في حانة الفراغ السياسي ويتباكون متشبثين بخطابات سياسية لا تحقق نموا و لا تحرز ازدهارا فكريا يوجه إلى التنظير الوحدوي والتنموي الاقتصادي.
إن موريتانا لن تتحول إلى بلد يعبر بثقة لفضاءات قيام الذات الوطنية السوية و استثمار خيرات البلد الوفيرة لتحقيق الرفاه و إرساء الاستقرار على دعائم السلم الاجتماعي و الاستقرار و الأمن بفعل تلك الخطابات السياسية المتشابهة والتي لا تحمل على متنها سوى نظريات السعي إلى السلطة غاية و نهاية. كما أنه لن يكون لها أن تخرج من دوامة الصراعات العقيمة إلا أن يكسر المتدثرون بلحاف جسمها السياسي جمود الخطاب و يتقنوا لغة الحوار المتمدن التي لا مناص منها لمحوريتها في أي عمل سياسي من شأنه الحفاظ على الوطن بكل توازناته المضطربة و خطابات أهله المختلفة و الموزعة بين طيف سياسي يفتقد إلى الرشد و طيف حقوقي يفتقد إلى التأطير.
و إن لغة التشكيك وتبادل الاتهامات القائمة و البلاد على أعتاب استحقاق الرئاسيات الهام في حياة البلد بين المؤيدين للحوار من أغلبية ترى أنه يجب أن يتم في انسجام مع الآجال المحددة دستوريا و بين معارضة لا تفتح بابا واسعا أمام ذاك المطلب وطرف ثالث لم يستطع أن يذلل العقبات من منطلق فهم ماهية الحوار، و قد كان لا بد لهذا الطرف أن يخلق طريقا ممكنا لحصول أدنى حد من التوافق يمهد بدوره عملية المرور بالبلاد إلى حقبة جديدة يطبعها النضج السياسي المفتقد.
من المعلوم أن الحوار في المقام الأول هو استعداد ذهني و بدني للاستماع إلى وجهات نظر سياسة مخالفة أو متقاطعة كليا أو جزئيا مع وجهات النظر السياسية السائدة التي يهدف الحوار إلى مناقشتها و العمل من أجل الوصول إلى تسوية بشأنهاعلى نحو "حلول وسط" ترتضيها الأطراف المتحاورة لتجاوز أزمة سياسية أو القفز على صراع يطبعه منطق العنف قد يجلب الضرر على الجميع.
و بديهي أنه لا يمكن إجراء حوار سياسي جاد و فعال من دون وجود الرغبة لدى أطراف الأغلبية و لمعارضة للتوصل إلى تسوية سياسية. و لا جدوى من الحوار مع جهة سياسية ترفض الاعتراف بالآخر لأن أحد شروط الحوار هو هذا الاعتراف بالآخر و قبوله مخالفا للرأي بغض النظر عن قوته على حسم الصراع السياسي أو ضعفه عن ذلك. و على خلاف هذا الأمر فإن رفض الآخر بشكل علني أو خفي يعد نظرة إلغائية تفقد الحوار كل معناه. و إن اتخاذ الحوار كذلك غطاء لكسب هدنة سياسية من أجل خوض الصراع المتسم بالعنف يقوض أسس الحوار و يضعف الثقة بين المتحاورين و حين يستند الحوار إلى قاعدة الغالب و المغلوب فإنه لا يعد حوارا و إنما استسلاما لجهة مهزومة أمام أخرى منتصرة.
إن الحوار السياسي يتطلب نخبا سياسية واعية لماهية الأزمة السياسية القائمة و مديات الصراع و نتائجه المستقبلية و يجب أن تكون هذه النخب مخولة باتخاذ قرارات سياسية جريئة و إجراء تسويات تستند إلى حلول معقولة لتحقيق أهداف واقعية تجنب المجتمع نتائج الخلاف و تحافظ على كيان الوطن.
و لا يمكن لحوار سياسي جاد أن يتبلور من دون شروط مسبقة يتفق عليها المتحاورون و بعدها أحكاما ملزمة لكل الأطراف دون أن تكون اشتراطات مجادلات سياسية، الأمر الذي يوجب تحديد مسارات الخلاف لمناقشتها و القبول بمبدأ إجراء التسوية لحصول اتفاقات مشتركة محددة بتحديد زمني و ليس زمنا مفتوحا كيما لا يتحول الحوار السياسي إلى جدل سياسي يزيد من هوة الخلاف و يعمقها.
و طبعا تتطلب القناعات المشتركة تنازلات مؤلمة عن قناعات راسخة لأن الحل المعقول لا يشترط فيه أن يكون حلا مقبولا دائما لكل أطراف الصراع بعده مرتبطا بدالة الزمن الحاضر لقبوله كتسوية سياسية تحقق أهدافا بعيدة المدى تستند إلى معايير قيمية مغروسة في اللاوعي الاجتماعي أساسها قيم وطنية أو قيم أخلاقية.
لا يمكن المطالبة بتقديم تنازلات مؤلمة من أطراف الصراع خلال المفاوضات من دون إزالة مخاوف الآخر و منحه ضمانات كافية لتطبيق الاتفاقية السياسية و الحفاظ على مصالحه استنادا إلى قاعدة لا غالب و لا مغلوب. فكل تنازل عن قناعة راسخة في حوار خلافي ما يجب أن يقابله تنازل الطرف الآخر عن محور خلافي مماثل. لأن التسوية تعد سعيا إلى كسب ربح محدود لكل أطراف الصراع تحاشيا لخسارة كارثية يتعرض لها الجميع، فالربح المحدود في الحاضر و بضمانات متبادلة يحقق الربح الأكيد بالنتيجة للجميع في المستقبل.
فهل يراجع الجميع، في ظرف ما زال رغم ضيق الوقت علي مجرياته يسمح بذلك، مواقفهم و يكيفوها مع رغبة أغلب الشعب في نجاح الحوار و من ثم التوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس الجمهورية لدعم مسار البلد الديمقراطي و الذي به وحده يُضمن رغم كل النواقص و العثرات تجنب ما هو مرتسم في الأفق من تعقيدات واقع مشحون بالمطالب ذات الصلة بالوجه الاجتماعي من ناحية  و الاستفادة من مقدرات البلد في أجواء تسودها العدالة و المساواة و السلم؟
و هل يتخلى المحاورون عن سلبيات النرجسية و يتحلوا بأدبيات الحوار المتمدن من أجل مواجهة عملية الحفاظ على وطن هو أحوج ما يكون إلى الوفاق و السكينة منه إلى الخلاف و الجفاء؟ و ليس الأمر من باب الرجاء و إنما من باب الوجوب لكل ذي لب.

جرأة في الطرح و صدق في المبتغى / محمدنا ولد محمد فاضل

 
تلقت شريحة عريضة من المواطنين نبأ تسوية وضعية "وكلاء الدولة المتعاقدين" و "حمالة ميناء الصداقة" بفرحة عارمة عندما شاهدت وزير الوظيفة العمومية يعلق على بيان مجلس الوزراء الماضي المتعلق بالموضوع و هو يشيد بالاهتمام الذي أولاه المجلس لهاتين الفئتين من العمال.
و قد أظهر هذا البيان بما لا يدع مجالا الشك حرص رئاسة الجمهورية على تعزيز أركان دولة القانون وفق مقتضيات" دولة القانون و العدالة" بين كافة أبناء هذا الوطن ليستحق بذلك البيان قدرا أكبر من الإشادة و التنويه.
و لتحقيق هذه الأهداف المنتظرة كُلفت وزارة الوظيفة العمومية بوضع تصور ينهي وضعية الوكلاء العقدويين و يسوي أزمة الحمالة  من خلال إعادة الحقوق كاملة للمظلومين و ضمان حماية مصالحهم المستقبلية.
فهل ما قدمته الوزارة من تصورات كفيل بإعادة نظر شامل في الوضعيتين؟
و هل نلمح في تصورها المبتكر و المتبصر سعيا جادا و قادرا حقا على رفع هذا الظلم؟
و ما عسى تكون انعكاسات هذا التصور في الأمد القريب على وضعية المواطنين الاجتماعية و هل تخفف عمليا من الشعور بالغبن و النزعة إلى الاحتجاج؟
لقد قامت بالفعل وزارة الوظيفة العمومية و العمل و عصرنة الإدارة بتقديم مقترح من جزأين:
·       يتعلق الجزء الأول منهما بتسوية وضعية وكلاء الدولة العقدويين عن طريق جردهم و معرفة عددهم و تحديد من لا يزال منهم في الميدان و من أحيل منهم كذلك للتقاعد وصولا إلى تصنيفهم وفق نظام الأسلاك  و دمجهم في الوظيفة العمومية بعد الجرد و التصنيف. و معلوم أن 300 شخص تقاعدوا من أصل 1900 هم عدد وكلاء الدولة. و بمقتضى هذا المقترح سيقوم الوزير بإصدار مقرر يلغي المقرر الذي أحيلوا بموجبه إلى التقاعد ليتم من بعد تصنيفهم في نظام الأسلاك و يصدر مقررا آخر يقضي بتقاعدهم ليستفيدوا من حقوقهم بوصفهم موظفين مكتملي الحقوق فيما؛
·       يتعلق الجزء الثاني من المقترح بوضع تصور لحل مشكلة الحمالة و ذلك بالسعي إلى وضع مشروع قانون يحمي مصالح هؤلاء و يصون حقوقهم، يقدم إلى الجمعية الوطنية بهدف سنه في دورتها العادية المقبلة.
و جدير بالذكر أن المتأمل في مقترح الوزارة لا بد أن يلحظ ما يلي:
1-   إرادة جادة في السعي الحثيث إلي استئصال الأزمة من جذورها وفق منطق التدرج الذي يلبي الحقوق و يحفظ السكينة،
2-   شجاعة بارزة المعالم متمثلة في فتح أخطر ملف عرف الكثير من التراكمات عبر عقود مضت لم يلق أصحاب الحقوق المهدورة فيها أي اعتبار و لم يشعروا خلالها بأي سعي إلى رفع الحيف و الظلم الذين يعانون منه،
3-   إيمان مطلق بضرورة تسوية وضعية المئات من معيلي الأسر بخلق إطار قانوني يضمن هذه الحقوق و يحمي مصالح أهلها رغم أنها من المفروض أن تكون قد تحققت منذ عقود،
4-   تناغم مصاحب و ملموس بين إرادة الإصلاح لدى الوزارة مع التوجيهات السامية لفخامة رئيس الجمهورية الذي يحث دائما على الاعتناء بالمواطنين و تقريب الإدارة إليهم.
و بديهي أن رفع الظلم و إعادة الحقوق أمران يبعثان للطمأنينة و يشيعان السكينة و يعززان اللحمة الوطنية.

مطاردة حركة الاخوان المسلمين تنتقل الى لندن../عبد الباري عطوان

 

 

لم يكن غريبا، او مستغربا، ان تكون السلطات المصرية من اول المرحبين واسرعهم بقرار ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني باجراء تحقيق عاجل حول جماعة الاخوان المسلمين ومراجعة شاملة لفكرهم وممارساتهم بما في ذلك اتهامات بوقوفهم خلف هجوم على حافلة سياحية في مصر مما اسفر عن مقتل ثلاثة سياح في شهر شباط (فبراير) الماضي. بريطانيا تتعرض لضغوط كبيرة

من قبل ثلاث دول عربية رئيسية تشن حربا ضروسا ضد حركة الاخوان وتصنفها كحركة “ارهابية” هي مصر والمملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، ومارست هذه الدول ضغوطا على الحكومة البريطانية من اجل حظر هذه الحركة، وعدم السماح بتحول بريطانيا الى “ملاذ آمن” لقيادتها. استقلال القضاء البريطاني، وقوانين اللجوء “المرنة” وسخاء معونات مؤسسة الضمان الاجتماعي، كلها عوامل جعلت من بريطانيا، ومدينة لندن بالذات، نقطة جذب للاسلام السياسي ونشطائه، ففي مرحلة التسعينات، وبعد انتهاء الحرب في افغانستان لصالح المجاهدين الافغان وزملائهم العرب، تدفق الآلاف من هؤلاء الى بريطانيا واستقروا فيها، ومن بينهم اشخاص تحولوا الى قادة في تنظيم “القاعدة” لاحقا، مثل السيد خالد الفواز سفير التنظيم السابق الذي افتتح مكتبا علنيا في شارع اوكسفورد، او السيد ابو مصعب السوري (مصطفى ست مريم) وعمر ابو عمر (ابو قتادة). ما تخشاه الدول الثلاث المذكورة آنفا هو ما يمكن ان يقوم به قادة الاخوان الذين لجأوا او قد يلجأون الى بريطانيا، ويستقرون فيها، هو ما يمكن ان يقوموا بها من مراكز اعلامية تتولى حشد المعارضة السياسية وتحريضها ضد انظمة الحكم في بلدانهم، لان القوانين البريطانية لا تفرض قيودا على حرية التعبير، وتسمح بسهولة في فتح قنوات تلفزيونية واصدار صحف يومية او دورية على عكس قوانين الدول الاوروبية الاخرى. *** ومن المفارقة ان المملكة العربية السعودية كانت اول من استغل هذا المناخ الاعلامي المفتوح، عندما، اصدرت صحيفتها “الشرق الاوسط” من العاصمة البريطانية ثم تبعتها باطلاق محطة “ام بي سي” التلفزيونية من اجل مخاطبة “الراي العام” في بلدها اولا، ثم باقي الدول العربية والتأثير فيها بما يتفق مع السياسات السعودية، ومن المفارقة ايضا ان هذه الوسائط الاعلامية المؤثرة كانت ودودة جدا مع حركة الاخوان المسلمين وفكرهم وتدعم الجهاد في افغانستان، واتضح هذا التوجه بجلاء من خلال اصدار جريدة “المسلمون”. الامور تغيرت، فحركة “الاخوان” انتقلت من قائمة الحلفاء الى قائمة الاعداء في السنوات الاخيرة، وباتت مصدر تهديد للانظمة لانها انتقلت، حسب خصومها، من حركة دعوية، الى تنظيم سياسي عابر للحدود، يعمل بكل طاقة ممكنة لقلب الانظمة والوصول الى سدة الحكم. بريطانيا ايضا تغيرت منذ هجمات تموز (يوليو) عام 2005 التي نفذها اربعة “انتحاريين” يتبنون فكر “القاعدة” في قطارات انفاق لندن، وادت الى مقتل ما يقرب من ستين شخصا، علاوة على اصابة المئات، وشل الحياة الاقتصادية، وبث حالة من الذعر في صفوف البريطانيين. التسامح البريطاني بدأ يتقلص تدريجيا تجاه الجماعات الاسلامية المتشددة عموما، وبدأت السلطات تفرض قيودا متشددة على دخول الدعاة ورجال الدين الاسلاميين البارزين من امثال الشيخ يوسف القرضاوي الذي منع دخوله، والشيخ رائد صلاح قائد الحركة الاسلامية في الاراض المحتلة عام 1948، وتعرضت العديد من المساجد والاعمال التجارية المملوكة لمسلمين الى اعتداءات واعمال عنف، ووصل الامر الى حد اصدار بريطانيا لاول مرة في تاريخها قوانين تسمح بسحب جنسيتها من اي مسلم ينخرط في اعمال “ارهابية” بما في ذلك القتال ضد النظام في سورية او في صفوف منظمات متشددة مثل الشباب الاسلامي في الصومال، وتم فعلا سحب 36 جنسية حتى الآن معظم اصحابها من العرب. العقبة الكبرى التي تقف امام تلبية ضغوط الدول العربية الثلاث على بريطانيا من اجل اغلاق ابوابها في وجه الاخوان المسلمين الذين يتطلعون لنصب خيامهم في عاصمتها، هو ان نسبة كبيرة من الاخوان في بريطانيا مواطنون يحملون الجنسية البريطانية، مضافا الى ذلك ان هناك فصلا كاملا بين الحكومة والقضاء البريطاني الذي يتمتع باستقلالية كاملة. في مطلع التسعينات لجأ الى بريطانيا معارضان سعوديان هما الدكتور سعد الفقيه وشريكه في هيئة الاصلاح الدكتور محمد المسعري، وبدءا نشاطا سياسيا معارضا لنظام الحكم في بلادهما ازعج الاسرة الحاكمة مما دفعها الى التهديد بالغاء صفقة اسلحة اليمامة التي وقعتها المملكة مع بريطانيا وتصل قيمتها الى اكثر من 70 مليار دولار. رئيس الوزراء البريطاني في حينها جون ميجور بذل جهودا كبيرة لاقناع العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز بانه لا يستطيع ابعادهما دون حكم قضائي، لانهما تقدما للحصول على حق اللجوء، والقانون يمنع طردهما او تسليمهما لحكومتهما. وفعلا انتقل الملك فهد الى الرفيق الاعلى، واعتزل ميجور العمل السياسي، وكذلك خليفته توني بلير، وسيتقاعد كاميرون بعد عام، اما الدكتوران الفقيه والمسعري فما زالا في بريطانيا ويتمتعان بحمايتها، ويحمل ابناؤهم جنسيتها ويدرسون في جامعاتها. الحكومة البريطانية شكلت لجنة تحقيق في انشطة الاخوان المسلمين على ارضها لتوجيه رسالة مزدوجة، الاولى لحلفائها واكبر شركائها التجاريين، اي السعودية والامارات ومصر تقول فيها انها تأخذ مطالبها في اغلاق الابواب في وجه منتسبي حركة الاخوان وقادتهم بشكل جدي، والثانية الى الاخوانيين المتواجدين في الدول العربية ويتطلعون للجوء اليها مفادها انهم غير مرحب بهم على ارضها. *** الحكم الذي اصدرته محكمة في محافظة المنيا المصرية بالاعدام على 528 شخصا قبل عشرة ايام، نسبة كبيرة منهم من انصار حركة الاخوان المسلمين، هو اكبر خدمة قدمها هذا القضاء المصري والحكومة التي تدخلت ووجهت احكامه، لحركة الاخوان وانصارهم من حيث دعم طلب لجوء يتقدم به اي منهم في بريطانيا وربما في دول اوروبية اخرى، فيكفي ان يقدم طالب اللجوء هذا الحكم الى المحكمة ليثبت ان حياته معرضة للخطر، وان القضاء في بلاده غير عادل وغير مستقل. الحكومات العربية قد تصدر فرمانات في دقائق تجرم حركة “الاخوان” وتضعها على قائمة الارهاب، ولكن في الغرب الصورة مختلفة، ولا بد من اثبات هذه التهمة بالوثائق والمستندات، وهي مهمة صعبة جدا في نظرنا، وقد تستغرق سنوات من المداولات القانونية، كما ان اللجنة التي تشكلت لدراسة تقييم حركة الاخوان المسلمين وانشطتها وممارساتها قد تحتاج الى سنوات ايضا لتقديم تقريرها الى الحكومة حول نتائج ابحاثها ودراساتها. مشكلتنا في الدول العربية، بل ودول العالم الثالث غياب القضاء العادل المستقل، الذي هو جزء اساسي من منظومة الديمقراطية، ولهذا نعتقد ان كل الانظمة في الدول المتقدمة تستطيع ان تفعل ما تشاء، وتصدر الاحكام التي تشاء، دون حسيب او رقيب مثلها تماما، اي العالم الثالث. الضغوط والمغريات باشكالها كافة تستطيع شراء كل شيء الا القضاء اذا كان مستقلا، وقضاته يطبقون القانون بالمساواة والعدل على ابن “السيد” وابن “الجارية” ودون اي تفرقة.

موريتانيا.. مدخل إلى الحميات النزفية الفيروسية/ محمد فاضل ولد الادهم

يدور في موريتانيا هذه الأيام جدل واسع النطاق حول فيروس يسمى ايبولا نسبة إلى وادي نهر إيبولا بالكونغو (زائير سابقا) الذي ظهر فيها لأول مرة عام 1976 ثم السودان وأنغولا وساحل العاج لاحقا. أصله من القردة تتراوح فترة حضانته ما بين 5 إلى 10 أيام والذي عاد للظهور أخيرا في دولة غينيا كوناكري وهو العامل المسبب لأحد أنواع أمراض الحميات النزفية الفيروسية وهو يؤدي إلى تلف جدران الأوعية الدموية وعدم تخثر الدم والنقص في سوائل الجسم.

فما هي الحميات الزفية؟ وماهي أنواعها؟ وكيف تنتقل إلى الإنسان؟ وهل لها علاج وما هي الوقاية منها؟ وهل موريتانيا بلد حاضن لهذه الفيروسات باستمرار حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية؟

وفي هذا السياق قدر لي أن أكون المسؤول عن وحدة الحميات النزفية في ما يعرف حاليا بالمعهد الوطني لبحوث الصحة العامة بعد وباء حمى القرم-كونغو الذي أصاب مدينة انواكشوط في شهر مارس 2003 والذي راح ضحيته ستة أشخاص رحمهم الله من بينهم د.ابراهيم ولد محمدن والممرض عمار با أثناء معالجتهما لبعض الحالات بالمستشفى الوطني وقد أهديت لهما كتابا ألفته حول الموضوع نتيجة لأنهما توفيا وهما يؤديان الواجب الوطني لإنقاذ هؤلاء المرضى. فتمت إفادتي رفقة أحد الفنيين إلى معهد باستير بداكار للتدرب على الفحوص المخبرية المتعلقة بهذه الأمراض على حساب التعاون الفرنسي وإثر ذالك استطاعت الدولة أن تقيم مخبرا مجهزا قادرا على تشخيص هذه الحميات.

يرجع تاريخ هذا النوع من الأمراض في موريتانيا إلى ما يزيد على ثلاثين سنة حيث تم تسجيل أول إصابة وتحديدها في شهر مايو 1983 في مدينة سيلبابي كما أنه قد سجل تواجد لهذا الفيروس في بعض المناطق نتيجة لحركة الأشخاص و الحيوانات بحثا عن الكلإ و العشب لكن لم تسجل من بينها حالة إيبولا. وكان آخر ظهور لنوع من هذه الحميات النزفية هو حمى الوادي المتصدع في ادرار السنة الماضية.

تعتبر هذه الفيروسات فتاكة. وهي تسمى حسب المناطق التي اكتشفت فيها فمنها البوليفية والأرجنتينية وغرب النيل ولاسا و القرم-كونغو والماربورغ ... ولا تخلو منها أية قارة. ثم إنها عدة أنواع تنتمي إلى أربع عائلات فيروسية هي: Bounyaviridae, Togaviridae, Arenaviridae , Filoviradae.

وتنتقل أغلب هذه الفيروسات بواسطة المفصليات كالبعوض وكالقراد بأنواعه المختلفة والفئران و الجرذان والحيوانات الأخرى والبرمائيات. ومن أهم أعراض الحميات الصداع وآلام المفاصل وارتفاع حاد بدرجة الحرارة وفي بعض الحالات نزيف ولهذا تسمى حمى نزفية وظهور احمرار على جلد المريض وإسهال وقيئ وتعتبر الإفرازات الدموية وسوائل المريض معدية. وحسب منظمة الصحة العالمية فإن نسبة الوفاة عادة ما تكون مرتفعة وقد وصلت إلى 53بامائة سنة 2001. لا يوجد علاج نوعي لكن يعطى المريض حقن وريدي بالريبافيرين وبلازما خلال فترة النقاهة لتحقيق التوازن بين الشوارد في الجسم.

أما مكافحة انتشار المرض فيتم بالعزل الإجباري مع تطبيق الاحتياطات الخاصة بالإفرازات الدموية وسوائل المريض وتطبيق التطهير المصاحب للإفرازات وفراش وغرفة المريض. القضاء على الحشرات الناقلة للفيروس لتحصين الماشية وعدم ذبح ما هو مريض أو مشتبه به. وهنا يجب التعاون مع مصالح البيطرة والمنمين ورفع مستوى التحسيس الصحي عبر وسائل الإعلام والإتصال المختلفة لجميع أفراد المجتمع عن المرض وأعراضه وخطورته وطرق انتقاله وكيفية الوقاية منه .

إن موريتانيا بلد غير حاضن لهذا الفيروس لكن يفصلها جغرافيا عن مصدر الوباء الحالي (غينيا كوناكري) بلدان هما السنغال ومالي وإن الحركة المستمرة للأشخاص و البضائع والحيوانات عبر الحدود قد يشكل خطرا عليها... لذلك مراقبة الحدود مسألة هامة. والله الحافظ.

محمد فاضل الأدهم-خبير مختبرات طبية/ عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.