مع المرابطون...ملاحظات أولية/ أحمد أبو المعالي

 تعلمنا في أبجديات النحو العربي أن المجاورة مع "مع" تقتضي التسليم بالجر بطيف من أطيافه المتعددة ، لكن يبدو أن قناة "المرابطون" في العنوان عصية على الجرهذه المرة ، لذلك حافظت على "الرفع" في

جميع الحالات ،وهو أمر طبيعي إذا ما نظرنا بشكل موضوعي إلى ما تقدمه مقارنة بما تقدمه زميلاتها وأخواتها وبنات عمها وبنات عماتها وبنات خالها وبنات خالتها في الحقل الإعلامي الوطني بشكل عام.فلتأخذ أسباب وأدوات الجر استراحة (مفتوحة )أثناء هذه الوقفة التضامنية.

-      إن ما أقدم عليه البعض من التظاهر أمام القناة احتجاجا على تغطيتها للأحداث الأخيرة لايمكن للمتأمل فصله عن الهجمة الكبيرة التي تنهال هذه الأيام -كمسيلات الدموع- على طيف سياسي محدد، وعلى توجه فكري معين قصد تشويهه وتعليق كل الخطايا على مشاجبه ، وكأن ذويها يقولون سنعيدها سيرتها الأولى.

صحيح أن لكل مؤسسة إعلامية أخطاء، وصحيح أنه يجب التنبيه على هذه الأخطاء بالطرق المناسبة..وصحيح أن مؤسساتنا الإعلامية ولا أحاشي من الأقوام من أحد -حتى سليمان -تنحرف ذات اليمين أوذات الشمال تارة عن جادة الموضوعية والانحراف ..لكن يجب النظر بإنصاف وموضوعية إلى الأمر من الجهات الأربع.

فا ختيار قناة المرابطون –دون غيرها –في هذه الأزمة يطرح أكثر من سؤال حول مبررات هذه"الفعلة"..والقناة مطالبة -لأكثر من داع- بالحرص على توخي الحذر والموضوعية في تناول المواضيع ذات البعد الحساس.

فمثلا لماذا لايتوجه هؤلاء إلى قناة شهرت ببعض الأحزاب السياسية، واتهمتهم أو اتهمها ضيوفها بالوقوف وراء افتعال"جريمة التدنيس"-لمآرب سياسية، وهي خطيئة كبرى واستغلالها بشكل مقزز- وهي الأخرى جريمة كبرى،فلا ينبغي في هذه الفترات العصيبة أن تلق الاتهامات جزافا، سيما إذا كانت من العيار الثقيل .ففي مثل هذه اللحظات لافرق بين "الرصاص الحي" و"الاتهام الحي".أضف إلى ذلك أن المتحدث نفسه في هذه القناة بالغ في اتهام "تواصل" حتى ألمح إلى أنه كان يعد لمجزرة كبيرة بحديث أذرعه الإعلامية-والعهدة عليه- من خلال تسريبات وتحليلات معينة..ألا تستحق هذه القناة وقفة احتجاجية من من يحملون هموم الوطن ..ومن يبحثون عن السلم الأهلي ؟

-          لما ذا لايتوجه هؤلاء إلى قناة ظهر فيها -في بث مباشر-  من يدعي أنه مؤذن في أحد مساجد العاصمة وأنه وجد مصاحف ممزقة ومرمية في بركة كبيرة وأنه ذهب بها ودفن ما تبقى منها دون أن يكلف نفسه عناء إبلاغ الجهات المختصة أو جماعة المسجد كأضعف الإيمان..ثم قام بعرض بعض الأغلفة مدعيا أنها كانت تغلفها في الوقت الذي مازالت فيه العواطف الهائجة تفور من هول "صدمة تيارت" وبالتالي فمثل هذا الحديث وفبركته على الهواء مباشرة-كما صرح إمام المسجد لاحقا –يطرح أكثر من سؤال حول .من يريد أن يضرب مصالح من؟

-          لما ذا لايتوجه هؤلاء إلى فضائيات ومواقع تجاوزت الخط الأحمر حينما تحدثت عن أكثر من قتيل بالرصاص الحي وأن الأمر مرشح للزيادة وأن هناك حزبا سياسيا يجب حله لتكون بعد ذلك عناوين بعض المواقع تحيل إلى أنباء عن حل حزب تواصل وهو تحضير غير موفق لغليان سياسي، وشد وجذب لايخدم الوطن، ولا يخدم حتى من كتبه وروج له فضلا عن غيره والتاريخ خير شهيد على ذلك.

-          أخيرا بقي أن أقول إن مصادرة الحريات والتضييق على وسائل الإعلام ليس حلا لأي أزمة، لكن يجب أن يدرك القائمون على هذه المؤسسات خطورة"الكلمة" التي قد تشعل حريقا بسهولة في حين تعجز عن إطفاء جمرة..فقد أصبحت بعض المؤسسات الإعلامية الوطنية وخاصة  بعض المواقع تضرب المصالح الوطنية في الصميم وتهدد النسيج الاجتماعي  دون أن تنتبه إلى قوله صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليومخ الاخر فليقل خيرا أو ليصمت"

لكن ذلك لايواجه إلا باحترام المساطر القانونية والنظم المتفق عليها بعيدا عن الحسابات الضيقة والأمزجة المتناقضة .

فما أحوجنا إلى إعلام حر ومهني..وما أحوجنا إلى تطبيق القوانين واحترام المساطر المرسومة دستوريا وأخلاقيا.

 

أحمد أبو المعالي

كاتب وشاعر موريتاني مقيم بالإمارات