لمنتدى العالمي يكرم أعلام موريتانيا.. الشيخ محمد اليدالي
- التفاصيل
- نشر بتاريخ الأحد, 26 تموز/يوليو 2015 23:39
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فسنواصل على بركة الله ما أمرنا به شيخنا الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي رئيس المنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم من الترجمة لأعلام بلاد شنقيط
من علماء وأبطال ومحبين ورجال مقاومة، من شرق موريتانيا إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، وفق ما يطلق عليه شيخنا حفظه الله ورعاه: "تاريخ موريتانيا الإيجابي"، وسنترجم اليوم للعلامة الشيخ محمد اليدالي، والله المستعان وعليه التكلان
الشيخ محمد اليداليهو العلامة محمد بن المختار بن محمد السعيد بن المختار بن عمر بن علي بن يحيى بن يدال خامس تشمشَ، وأمه هي الصالحة المشهورة: امبيكله واسمها فاطمة بنت سيد الأمين بن بارك الله الديمانية، ولد الشيخ محمد اليدالي سنة 1096هـ عند بئر تندكسمِّ، وهو المعروف باليدالي وبالديماني، من قبيلة اليداليين أهل العلم واليمن والبركة، ومما يعرف عند الناس أنه لم يخل حيهم في مختلف الأزمنة من اثني عشر عالما، يقول العلامة محمذ بن أَحمد بن العاقل من قطعة يمدحهم بها:ذاك المنار وقد لاحت به دمن :: مثل اليواقيت من آل السعيدينقوم سعيدون لايشقي جليسهم :: مقالة رويت عن ناصر الدينهمُ الجحاجح فى عز وفى كرم :: همُ البزاة همُ روض الرياحينهمُ المجاذيب همْ همُ الهـداة همُ :: همُ المشاييخ من زين الى زينحلو الشمائل والإحسان ديدنهم :: بيض الوجوه همُ شم العرانينبهم نفاخر أهل الأرض قاطبة :: وهمْ لعمري حماة العلم والدين.
نشأ الشيخ محمد اليدالي في بيت علم وصلاح واستقامة ويعتبر من أجل علماء البلاد علما وصلاحا وورعا، كما عرف بحب النبي صلى الله عليه وسلم وكثرة مدحه له صلى الله عليه وسلم، وكانت له صلات ثقافية واجتماعية مع أجل معاصريه وأمراء عصره، وقد تعهد له أمير لبراكنه أحمد بن الهيبه بهدية سنوية وظيفة له ولأولاده، عليه وعلى أولاده من بعده كل سنة، مكافأة له على مديحيتهالمعروفة بصلاة ربي.
قال عنه الشيخ أحمد بن الأمين العلوي في الوسيط: "أحد العلماء الأعلام،والغطارفة الكرام، وتقدم إنه أحد الأربعة الذيم لم يبلغ مبلغهم أحد في العلم في ذلك القطر، كان مشهورا بالفهم والحفظ والصلاح، وله التآليف المشهورة.."وقال أبو عبد الله الطالب محمد بن أبي بكر الصديق البرتلي الولاتي في فتح الشكور في ذكر اليدالي: "كان رحمه الله شاعرا ناثرا، ألف تأليفا مفيدا في مجلدين في تفسير كتاب الله العزيز سماه الذهب الإبريز على كتاب الله العزيز،وله قصيدة ميمية عجيبة من أحسن القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم في سبعة وأربعين بيتا خارجة عن بحور الخليل بن أحمد الخمسة عشر وعن المتدارك والخبب مطلعها:صلاة ربي :: مع السلام على النبي :: خير الأنام بادي الشفوف :: داني القطوفبر عطوف :: ليث همام ذاك النبي :: الهاشمي ذاك العلي :: الهادي التهامي
صلى الله عليه وسلم، تلقاها الناس بالقبول، وكذا غيرها من تواليفه الحسان،وشرحها شرحا عجيبا مفيدا، ولها بركة عظيمة وفضائل..".
أخذ الشيخ محمد اليدالي العلم عن أكابر أهل زمنه مثل العلامة ألفغ عبد الله بن عمر الأبهمى والعلامة أحمذ بن المختار باب اليدالي والعلامة ألفغ ميننحن بن مود مالك والقاضي المختار بن ألفغ موسى والعلامة محمد الكريم بن الكوري بن سيد الفالي، والشيخ نختار بن المصطفى اليـدالي، والعلامة مسكه بن بارك الله.
أما شيخه ألفغ عبد الله فقد درس عليه القرآن ونقل عنه في كتبه وقال في مورد الظمآن في المحذوف في القرآن: بل نقتفي ترجيح عبد الله :: العالم العلامة الأواه
وقال الأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف في كتاب الأنساب: "وكفى ألفغ عبد الله فخرا أن الشيخ محمد اليدالي كان تلميذا لـه صرح بذلك في كتبه كفرائد الفوائد لقبه فيه ضياء الدين وقد أدرك من عمره أربع عشرة سنة وذكر اليدالي أن سبب الفتح عليه أن شيخه ألفغ عبد الله أدخله يوما في البئر المسماة تنوبك يطلب سطلا لـه سقط فيها فسقطت على اليدالي البكرة وهو في قعر البئر فشجت جبهته شجة منكرة وقال لـه ألفغ عبد الله سيبلغ فيك الفتح ما بلغت تلك الشجةوكان اليدالي يقول لقد بلغت بتلك الشجة ما شاء الله وكان ألفغ عبد الله لا تأخذه في الله لومة لائم آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر قال اليدالي في النصيحة واعلموا أن باب الأمر والنهي قد ضيع أكثره بعد مشائخنا المرحومين الصالحين أبو محم والطالب أجود وعبد الله بن عمر اليزيكذي."،
وأما أشفغ ميننحن فقد قال اليدالي في شأنه: " لم أذق حلاوة الوالدية بعد والدي إلا منه رحمهما الله تعالى وجعل الجنة مثواهما"، وكان يثني عليه ويجله كثيرا ومن وصفه له: "كان أقضى القضاة وسيد الهداة وسيد الحكام، خاتمة الأعلام، يرجع إليه عند التباس الأوهام بالأفهام، بركة الزمان، محيي الإيمان.."إلى أن يقول: "فقد نلت والحمد لله في الدنيا من بركته وعلمه وأخلاقه، وأنا أرجو في الأخرى شفاعته".وأما القاضي المختار بن أشفغ موسى فقد ذكره في أمر الولي ناصر الدين بقوله: "أخبرني محمد بن المختار بن موسى قال عن أبيه شيخنا المذكور".أخذ الشيخ محمد اليدالي الشاذلية عن ابن عمه نختار بن المصطفى بن محمد سعيد، الذي مر في طريقه إلى الحج بسيدي أحمد الحبيب السجلماسي ومكث معه سنة، وأخذ عنه الطريقة الشاذلية، وأدخلها إلى بلاد الكبلة، وقد أخذ سيدي أحمد الحبيب السجلماسي الطريقة عن سيدي أحمد بن عبد القادر الذي أخذها عن سيدي محمد بن ناصر.وممن أخذ عن اليدالي ابن عمه ألما بن المصطفى بن محمد سعيد وهو المعروف بـ ألما العربي وألما الشاعر، ويروى أن اليدالي قال مرة لتلميذه ألما العربي وكان معجبا به إنه هم أن ينزع له عمامة الشعر غير أنه تذكر بيتين من قصيدة اليدالي الميمية المشهورة:حسن بدئي واختتمامي :: بك يا خير الأناموالبيتان هما:فدم الفجارِ جار :: ونجيع الهامِ هامِكامل الأوصاف صافٍ :: وافر الأقسامِ سامِ
وقسئل العلامة سيدي عبد الله ابن رازكه عن أشعر زوايا القبلة فقال لا أدرى إلا أن القائل: آيات طه = ليست تباهى = ولا تناهى = على الدواملا يباهى هو أيضا ولا قيل مثله في القبلة.
وممن أخذ عن اليدالي كذلك العلامة وَالدْ بن خَالُنَا الأبهمي الديماني، وهو تلميذه الوحيد الذي تخرج على يده في العلم الظاهر والباطن، وتأثر به كثيرا وقال عنه في آخر كتابه كرامات أولياء تشمش: "ولا يستنكر على من ادعاه منهم فإن الله على كل شيء قدير ويخص من يشاء بما شاء قلت فما ظنك بالولي السعيدي اليدالي إذ هو نتيجة هؤلاء القوم وثمرة بنى بارك الله فيهم المذكورين آنفا فهو ثمرة الفريقين على ما حواه هو إذ هو ولي الله وصاحب كشف جامع بين الظاهر والباطن ملك بالنهار وراهب باليل كما ترون وتعلمون نفعنا الله ببركته وبركة أمثاله آمين يارب العالمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، الحمد لله الذى بنعمته وجلاله تتم الصالحات."
ويروى أن اليدالي سمع ذات ليلة والدا يترنم ببيت المتنبي:ومن الخير بطء سيبك عني :: أسرع السحب في المسير الجهامفقال: إن ابن خالنا هذا استعجل "اطليصَ" يعني الإجازة.
وكان الشيخ محمد اليدالي ظاهر الكرامة صادق الكشف، وهو من الكمل السبعة الذين أخبر بدر الزمان وقطب ذوي العرفان الشريف الولي سيد محمد الشريف الصعيدي أنهم سبقوه في هذه الأرض، وهم: اندكسعد وحمدي بن الطالب اجود وآب بن المختار بن ألفغ موسى والمختار بن ألفغ حيبل ومحمد اليداليوناصر الدين وألفغ اوبك، كما في لطائف التعريف في حياة سيدي محمد الشريف للقاضي الشريف محمد ابن عابدين.
وذكر العالمان الديمانيان سيد أحمد بن اسمه والمختار بن حامد جملة من كراماته نقلا عن السند العالي في مناقب اليدالي للنابغة الغلاوي، يقول ابن حامد: "فمن المختار بن محمد سعيد، محمد اليدالي بن المختار بن محمد سعيد قال فيه النابغة الغلاوي في كتابه السند العالي في مناقب اليدالي: "كان عالما دينا هينا لينا عارفا بالله تعالى صوفيا مطبوعا على العمل والتأليف ألف وهو صبي ولم يبلغ الحلم، حسين الخلق رفيقا بالخلق كثير العفو عنه شديد المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم له عليه قصائد كثيرة..
ومن كرامته: أنه لم يبتله الله طول عمره بالقضاء مع سعة علمه وتضلعه من علمي الحقيقة والشريعة وكان مفتوحا عليه في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن العظيم فيقرأ دلائل الخيرات نحو سبعين مرة في أسرع وقت ويختم القرآن في ركعتين ثم يسرع في تأليفه وكان إذا احتاج في التأليف إلى خزانة طالعها في يومين ثم يردها إلى أهلها عن قريب، وذكر بعض الثقات أنه إذا أخذ في قراءة القرآن لا يمر بحشيش أو حجر ولا مدر إلا وقبضه بيده ليشهد عليه بذلك. وكان إذا آوى الناس إلى مراقدهم بالليل أوقد شمعته ويبيت يؤلف إلى طلوع الفجر. وكان عنده نضو سريع إذا رحل الناس شد راحلته عليه وأخذ بزمامه وجلس تحت شجرة وشرع في تأليفه حتى إذا قطع الناس ميلا طوى كتبه وجمع آلاته وركب وأجراه إلى أمام الناس. وهكذا إلى أن ينزلوا وكانت تخرق له العادات في نقل التآليف فيكتب كراستين أول النهار وكراستين آخر النهار وكان يقول على وجه الإخبار لا على وجه الإفتخار: إنه لو لم يكن بدويا بأن كان حضريا لألف قدر ما ألف السيوطي أخبرني به غير واحد ..
ومنها أنه أخذته فتيةٌ ذات يوم فغمض عينيه اثنان منهم قويان ثم أخذ باقيهمنص خليل ففتحوه فسألوه عن المدرك الذي فتحوا فأخبرهم فلم يزالوا يفتحون الكتاب ويسألونه إلى أن أكملوا نص خليل وهو يخبرهم بما فتحوا عنه مكاشفة وكانوا بعدُ يقولون في شأنه: فهل يسأل عن خبر اليدالي بعد عشية الكتاب. ومنها أنه جاءه والد الديماني ذات ليلة فسأله عن كتاب ينظر فيه كلمة فأخذوا له الكتاب فجلس وراء ظهر الشيخ ففتح والد الكتاب فمد اليدالي يده وراء ظهره فقلب ورقتين ثم وضع إصبعيه على كلمة فقال له يا والد كلمتك التي تطلب هذه فنظرها والد فإذا هي كلمته بعينها فتعجب من كشفه..ومن غريب أمر اليدالي إبل لِحْسَيْكَ التي جاءته وفي أوبارها أوراق شجر لحسيكه وهو شجر لا ينبت في هذه البلاد فأعرض عنها معتبرا أنها من ضالة الإبل فلم تزل تعرض نفسها عليه حتى فهم و ثلج صدره إلى أنها هبة من الله تعالى وبقي نسلها إلى تاريخ قريب، ويروى أن أحمد لمجد بن محنض بن الماح قال إنه لا يعطيه أحد شيئا إلا وكثر عنده، فأهدى له محَمّدْ اليِـدّالِيّ بعيرا فحلف بالله إن ابن المختار بن محم سعيد هذا سيجد الإبل من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم، فجاءت إبل لحسيكه المعروفة.وكان أحمد لمجد رجلا صالحا قال العلامة المختار بن جنكي اليدالي في نظم المدافن:ببئر أمسدوغَ ذو القرآن :: أوبي وأَحمد لمجد الربانى.
وللشيخ محمد اليدالي الكثير من المؤلفات المفيدة ومنها: الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز الذي أنهاه سنة 1160هـ تقريبا ويعد هذا التفسير أقدم تفسير موريتاني، وقد طبع في 7مجلدات وقد حققه حفيد المؤلف الأستاذ الراجل بن أحمد سالم اليدالي الأمين العام لزاوية الشيخ محمد اليدالي وقد استفدت كثيرا من ترجمته له فيه وفي خاتمة التصوف، ومن مؤلفاته أيضا الحلة السيرافي أنساب العرب وسيرة خير الورى، وخاتمة التصوف التي منها نظم الشيخ أحمدُّ بمب نظمه المسمى مسالك الجنان كما في "ذات ألواح ودسر"، ومنها شيم الزوايا، وأمر الولي ناصر الدين، ونصيحة تشمش، والمربي على صلاة ربي،وشرح أسماء الله الحسنى، والوسيلة الكبرى في إصلاح الدين والدنيا والأخرىوقد يطلق عليه وسيلة السعادة في الصلاة على النبي صلى الله عليه، وواضح المذاهب وهو نظم في نسب آل البيت، وقواعد العقائد، وفرائد الفوائد في شرح قواعد العقائد، وتقريب المعاني في علوم البديع والبيان والمعاني، وتاليف "اللفعه"وهي سمة نالها من شيخه الفقيه ميننحن بعد أن ختم عليها القرآن مرات كثيرة.ومن نظم بغية السائلين عن بعض مآثر اليداليين للعلامة أحمدُّ بن اتاه بن حمينَّ:من السعيد وابنه المختارِ :: محمد اليدالي ذي الأنوارِألف في التوحيد والتفسير :: وغيرها في الزمن اليسيروفاق في مدح النبي وحبهِ :: وحب آله وحب صحبهِوما من الخصوصيات أُعطي :: فإنني لذكره "متْخَطِّ"فإنه أكثر من أذكرهْ :: ولتنظر "الوسط" في ذاك ترهْوقال قد نظرت بالعينين :: الكتبَ في العالم غير اثنينلم أدر هل أصاب ذين حرقُ :: أم غرقا، وذا لِعادٍ خرْقُ
يعني بالوسط كتاب الأستاذ محمذن بن باباه: "الشيخ محمد اليدالي ووسطه الإجتماعي".وقال سيد أحمد بن اسمه في كتابه المذكور: "من أجل تواليف بني ديمانتواليف اليدالي وهي كثيرة قال النابغة الغلاوي في كتابه النجم الثاقب:"أخبرني بعض الثقات أنها تبلغ الخمسين وأخبرني زين أنها تزيد على الثلاثين"اهـ."، وقال النابغة أيضا: "وقد وقفت على جملة منها تدل على سعة علمه وكثرة نقله وتبحره في سائر العلوم المعقولة والمنقولة".ولليدالي فتاوى شرعية في نوازل مختلفة، وبلغ ديوانه الشعري 1600 بيتا حققه الأستاذ الأمير بن آكاه، ترجم له فيه وفي تحقيقه لنظم مدافن تشمشَ وهو من مراجعي ههنا.ومن أشهر قصائده قصيدته في مدح القرآن وحبه وخدمته أثبتها في تفسيره ومطلعها:إِنَّ هَمِّي كِتَابُكَ الْمُسْتَبِينُ :: يَا إِلَهِي يَا مَنْ بِهِ نَسْتَعِينُأَنَا مِنْ خَادِمِيهِ وَالْمُسْتَحِقُّ الدَّ هْرَ لِلخِدْمَةِ الْكِتَابُ الْمُبِينُحُبُّهُ فِي قَلْبِي وَخِدْمَتُهُ مَا عِشْتُ دَأْبِي وَدَيْدَنٌ لِي وَدِينُ وقصيدة صلاة ربي التي يقول عنها: "هذه القصيدة لها فضل عظيم وبركة ولا يستنكر ذلك في جنب بركته صلى الله عليه وسلم، وقد وجدت لها بركة في مواطن كثيرة منها أني ركبت في بعض سفن النصارى قاصدا أكادير دوم لأطلع على بعض عجائبه فسرنا حتى أقبل الليل فهاجت ريح شديدة كادت تكسر السفينة حتى كادوا أن يوقنوا بالهلاك فصاروا يستغيثون من شدة ما نزل بهم وأنا وحدي في جانب من السفينة لا يعبأ بي ولا يعرفني أحد منهم ولا أعرفه حتى جعل واحد منهم يردد هذا البيت:صلاة ربي = مع السلام = على حبيبي = خير الأنام
فقلت له: أتعرف قائل هذا البيت قال قائله زاو من أهل القبلة لا أعرفه فقلت له:أنا قائله وأنشدته بعض القصيدة فأقبل علي أهل السفينة كلهم فجعلوا يسألونني عن نفسي وعن شأني فأخبرتهم ثم جعلوني في موضع من السفينة لا ينالني فيه شر فمن حينئذ نالتني بركة النبي صلى الله عليه وسلم ثم سكنت الريح وهدأت والحمد لله وبتنا سائرين إلى أكادير دوم فحملوني على أعناقهم إلى البر ولم يبتل مني ولا من لباسي شيء فدخلت القصر وأقبل علي أهله بالإضافة الحسنة والإكرام والتعظيم وأنواع التحف والهدايا والكاغد الشاطبي مما لم أحتسب ولم يخطر لي ببال وذلك كله ببركة ممدوح القصيدة صلى الله عليه وسلم، وأطلعني النصارى على بعض عجائب أكادير دوم ودعوت رئيس النصارى للإسلام فلم يسلم ولم يبعد منه رزقنا الله الإيمان ودوامه إلى الممات ويسر الله لي من حملني ومتاعي على جمل إلى أهلي."ويشير صاحب هذه الصفحة إلى بعض مؤلفات الشيخ اليدالي والعلامة الصالح البركة الورع محمد سالم بن المختار بن ألما، من قصيدة يذكر فيها بعض مآثر اليداليين:هي "الذهب الإبريز" والجوهر الذي :: نباهي به أهل القرون السوالفوفيها "المربي" منقذ من ضلالة :: بهدي لطه المصطفى غير حائفونيطت عليها "حلة" معنوية :: يشع سناها ساطعا غير خاسفوفيها "الرقى" للمستهام بحبها :: وفيها لقا المحبوب رهن التعارفوكشف حجاب الجهل ثمة واضح :: بسيل لأنهار المعارف جارف"فوائد من حلي البديع فرائد" :: بها "ختم الإحسان" عند العوارف.ومن تلك القصيدة:همُ ما همُ إلا هداة مشائخ :: يصلون ما بالوا بقطع المعاطفوما لمصل غير أنظام فقههم :: وما لمزك غيرها من مساعفوجذوة مصباح اللغى سلك نظمهم :: إلى غير ذياك النظام المضاعفولم يك مثل القوم في العلم والهدى :: وأنجالهم أمثالهم في المواقفهم السند العالي لكل فضيلة :: وعقد لآلي المكرمات اللطائفوما منهم إلا سعيد موفق :: دؤوب على الخيرات زين الطوارفوشق لهم طبل الأمير فهينمن :: بذكر خلال لاهجا بعواطففذكرهم مغني اللبيب بنظمه :: وبالنثر والمعروف رد العوارف.
توفي الشيخ محمد اليدالي سنة (1166هـ) بعد أن عاش سبعين سنة، ودفن ب"انتَوْفّكْتْ"، ومعناها: ذات الشمس، قال العلامة الشاعر امحمد بن أحمد يوره عند كلامه عن انتوفكت: "وبها المقبرة التي فيها سيدنا وقدوتنا وشيخ أشياخنا سيدي محمد بن سعيد اليدالي مؤلف الذهب الإبريز في تفسير كتاب الله العزيز".ويقول العلامة أحمد بن اجمد مؤرخا لميلاد الشيخ اليدالي ووفاته:قَدْ وُلِدَ الْيدالِي عَامَ "وضْـــشِ" :: وبَعْدَ سَبْعِينَ ضَجِيع نَعْشِمِنْ بَعْدِ مَا أَنْهَى كِتَابَهُ الذَّهَـبْ :: بِوَاوِ أَعْوَامٍ إِلَى الله ذَهَبْ.ولليدالي ولدان هما: المختار سعيد "التاه" ومحمد السعيد "أواه"، وتسع بناتوفي ذريته الصلاح والعلم واليمن والبركة، ومما منَّ الله به عليّ أن لليدالي علي ولادة والحمد لله تعالى من طريق بناته: عيشه وحنَّ وامباركَ اعلينَ، رحمهم الله تعالى برحمته الواسعة.وهذه قصيدة الشيخ محمد اليدالي في مدح القرآن الكريم وحبه:إن همي كتابك المستبينُ :: يا إلهي يا من به أستعينُأنا من خادميه والمستحق الدهر للخدمة الكتاب المبينحبه في قلبي وخدمته ما :: عشت دأبي وديدن لي ودينفهو الدهر ملجئي وقريني :: فلنعم الملجا ونعم القرينُوهو حصني ومأمني وإذا ما :: خضت بحر الخطوب فهْو السفينُإن من لاذ واستجار به فهْو بماموله حرٍ وقمينُذلك القرآن العظيم الذي جاء به الصادق النبي الأمينذلك القرآن العظيم الذي فيه أتانا هدى ونور مبينذاك تنزيل من حكيم حميد :: وهْو حرز لنا وحصن حصينوهْو نورٌ هدى كتاب عزيز :: عروة وثقى وهْو حبل متينالكتاب الذي من الْحدَ فيه :: فله النار والعذاب المهينالكتاب الذي من اوتيَه تصلح دنيا له وأخرى ودينوله رضوان العلي ونعيم :: وله حور في الفراديس عِينالكتاب الذي به المرء يغدو :: بديانات المسلمين يدينوبه سدفة الغواية تجلى :: وبه الدين والهدى يستبينوبه تكشف الكروب سريعا :: وبه منهج النبي يبينوبه تشرح الصدور وتشفى :: وبه قسوة القلوب تلينوبه تغفر الذنوب وتجلى :: كُرب المشتكي ويسلو الحزينوينال الشفا به والأماني :: والكرامات والتقى واليقينوبه الرشد والقلوب به يجلى صداها وما عليها يَرينوبه يصرف البلا ويغاث المستغيث اللهيف والمستكينرب إني به إليك توسلت فغوثي كتابك المستبينفاهدني في تفسيره للهدى والحق يا من يهدي ويا من يعينوأعني يا ذا الجلال عليه :: وأعن من يعينني يا معينيا إلهي واجعله لي شافعا لا :: ماحلا للفعل القبيح يُبينإذ هو الشافع المشفع حقا :: وهو الماحل الذي لا يَمينواجعلنه جلاء همي وحزني :: واجعلني به دواما أَدينرب واجعله صاحبي وأنيسي :: وخديني في القبر نعم الخدينواكفنا الشر والبلايا جميعا :: وأجرنا من كل خطب يُهينرب وافكك أسري ورهني فإني :: بذنوبي مكبل ورهينرب لا تجعلني أجازى بجرمي :: لا أكوننْ أُدان كيف أدينلا تُحني بشؤم ذنبيَ في يوم شديد فيه العصاة تَحينرب جدلي باللطف منك إذا ما :: ضم جسمي راء وميم وسينلا يكن لي في موقف الحشر ربي :: فزع أو عين وطاء وشينوبِيَ الطف دأبا ولا سيما إن :: حل بي ما لا بد أن سيكونوعلى الخير قَوِّني وعلى البر فأنت البر القوي المتينواهدني للهدى وبيِّنه لي أنت الذي توضح الهدى وتُبينُواقض عني تفضلا تبعاتي :: وديوني طرا فإني مدينُرب واستر دفائن السوء مني :: يوم يبدو الخفا ويجلى الدفينلا تهن شيبتي فأنت الذي تكرم فضلا من شئته وتهينمستجيرا بمن بقلبي إليه :: أبدا شوق دائم وحنينأحمد المصطفى الممجد طه :: الهاشمي الهادي الوجيه المكينصلِّ دأبا عليه ربِّ وسلم :: ما بدا شارق وسال مَعينُ.وهذه قصيدته المشهورة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم "صلاة ربي":صلاة ربي= مع السلام=على حبيبي =خير الأنامبادي الشفوف =داني القطوف= بر عطوف= ليث همامذاك النبي= الهاشمي= ذاك العلي= الهادي التهاميذاك الرفيع= الغوث المنيع= ذاك الشفيع= يوم القيامعين الكمال= عين الجمال= قطب الجلال= قطب الكرامنافي الضلال= ضافي الظلال= صافي الزلال= لكل ظامجم الخصال= جم المعالي= جم النوال= نداهُ هامزين الخلال= زين الرجال= زين الفعال= زين الأسامِيعالي المنار= عالي الفخار= عالي النجار =عالي المقامبدر السعود= وافي الوعود= وافي العهود= وافي الذمامقطب الوجود= مغني الوفود= مدني الأسود= من الحمامهادي العباد= هادي الأيادي= جالي الأعادي= جالي الظلامحام الحقائق= غوث الخلائق= صافي الخلائق= كافي الزُّنامأسنى الوسائل= أسنى المحافل= مسدي الجلائل= مردي اللئامطود الجلاله= بادي البساله= نجم الرساله= بدر التمامسهل السجايا= جم المزايا= بين البرايا= وسط النظاممبدي العجائب= مهدي الرغائب= له كتائب= أُسد اللّطامسود الوقائع= خضر المرابع= بيض الشرائع =حمر السهاموجه جميل= طرف كحيل= ظل ظليل= على الأنامفخر أصيل= مجد أثيل= خد أسيل= في الفخر سامعز قديم= هدي قويم= وجه كريم= على السلامجاه عظيم= مجد صميم= جود عميم= بلا انصرامخَلق صبيح= خُلق مليح= نطق فصيح= أسنى الكلامليث جريء= غيث مريء =غوث بريء= من كل ذامهادٍ أمين= حصن حصين= حبل متين= بلا انفصامناء مداه= هام نداه= مول عداه= حد الحسامذو المعجزات الــ=مبينات الــ=محَكمات الــ=غر السواميأبدى الإله= سنا حلاه=زارت علاه =ظبي المواميوالذئب عنا =والجذع حنا=له وأنا =كالمستهاموالبدر شُقّا= لمن ترقى=وبات يلقى= بالإحتراموالصخر سلم =والجو أظلم=له تكلم= موتى الرجاموالبئر فارت= والسرح سارت= دعى فصارت= خصبا أزاموالشاة أبدت= والشمس ردت= له أُعدت =دار السلاموالضرع درَّا =والوحش قرَّا=له أقرا =ضب الأكاموالجذع خارا =والغيث فارا=لمَّا أشارا =إلى الغمامآياتُ طه =ليست تُباهى=ولا تناهى= على الدوامقلبي لديه= شوقي إليه=يزكو عليه= أزكى السلامماالدهر لاحت= ذكى وفاحت=صبا وناحت= ورق الحمامعلى الإمام =أعلى الأنام= أنمى السلام =من السلامإني لشادي =خير العباد=راجي أياد =منه عظاميامن حباه= بما حباه= ثم اصطفاه= هب لي مرامِيرب امحُ عني= ماكان مني= سوءًا فإني =بك اعتصاميوحط ذنبي =وأحي قلبي= فأنت ربي= محي العظامكفّر ذنوبي =واستر عيوبي= واكشف كروبي= واغفر أثاميحقق منانا= فيك امتنانا= واغفر خنانا= بذا الإمامقنا البلايا= وافتح لنا يا= جم العطايا =سُبل السلاموارزق لنا يا= باري البرايا=عند المنايا =حسن الختام.