مقابلة شاملة مع الساموري ولد بي

 

أجرى موقع الصحراء مقابلة شاملة مع الأمين العام للكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا والقيادي في حركة الحر ورئيس المجلس الوطني لحزب المستقبل السيد الساموري ولد بي في مكتبه بمقر الكونفدرالية.

 

وفيما يلي نص المقابلة:

مركز الصحراء: بوصفكم الأمين العام للكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا كيف تعلقون على الهدوء الذي أعقب موجة الاحتجاجات التي خاضتها عدد من القطاعات العمالية من بينها الحمالة وعمال الجرنالية في زويرات ونواذيبو؟ ما هو سبب هذه الهدنة؟ وهل تحققت المطالب العمالية بعد الأحداث الأخيرة؟

الساموري ولد بي: أولا أشكر موقع الصحراء على اهتمامه بالقضايا الاجتماعية.

فيما يخص السؤال ليست هناك أي هدنة ولم يلب أي من المطالب، سواء مطالب الحمالة بالنسبة لميناء نواكشوط أو نواذيبو، أو جرنالية ازويرات، وعلى مستوى القطاعات الأخرى كتازيازت وأم سي أم ليس هناك أي تحسن بل الأوضاع تتجه للأسوأ، وقد كانت هناك محاولة تفاوض حول البحث عن حل نهائي للمشكل، حيث تم تشكيل لجنة تضم وفدا من الجرنالية وممثلين عن وزارات المعادن والداخلية والشغل. وقد قررت اللجنة القيام بدراسة شاملة لمعرفة لب المشكل من خلال دراسة الطرق التي يتم بها التعامل داخل المؤسسات ومدى التزامها بالمسؤولية الأخلاقية في معاملتها للعمال من حيث عدد العمال وظروفهم المعيشية والمالية، وكانت اللجنة ستستأنف الحوار  بعد أسبوعين وإلى حد الآن لم يجتمعوا.

أما فيما يخص الحمالة  فقضيتهم ما زالت عالقة، ففي الأسبوع المنصرم قامت حركات في الميناء وأوشكت الاضطرابات على أخذ منحنى خطير، إلا أن إدارة الميناء قدمت التزاما مكتوبا للعمال يتضمن التهدئة حتى عودة وزير التجهيز من جولته في الداخل فوافقوا عليه وعلقوا إضرابهم إلى ذلك الحين.

غير أن المشكل الحقيقي يكمن في عمل الوزير على توجيه موارد الحمالة إلى قطاع التجهيز والرئاسة، وهو ما يسهل مباشرتهم للمصادر المالية للحمالة، وهذا ما شكل فوضوية تسبب فيها الوزير على أساس قلب الصورة وخلق واقع جديد من خلال تعيين عناصر جدد يتولون تسيير هذه الهيئة، حيث تم تحييد المسير السابق "ولد شيخنا" كما تم تغييب دور تلك الإدارة على وقع التعاطي مع عناصر لا تمتلك أي إطار شرعي غير إرادة الحكومة في تشكيل بنية جديدة وإيجاد مدخل يوصل إلى هدفها المطلوب، وهذه المجموعة هي التي أقامت الحركات الماضية حيث مولتها السلطات وأطرتها وحاولت أن تضع في أيديها قدرا من الصلاحيات، وهذا ما وقفت دونه النقابات من خلال العمل على إيقاف نشاط هذه المجموعة، وهددوا بإقامة عملية نضالية إذا لم تتخل الدولة عن هذه الاستفزازات، وكانوا سيمضون قدما في العملية التي كانت ستشل حركة الميناء لولا تدخل من مستشار الرئيس "ولد احمد دامو" ومدير الميناء وطلبهما تأخير الإضراب حتى عودة الوزير من الداخل وهذا ما التزم به الحمالة.

 

مركز الصحراء: لم تشارك كونفدراليتكم في آخر مفاوضات جماعية نظمتها الحكومة 2009 مع النقابات.. هل فقدتم الثقة في التفاوض مع الإدارة؟ وما هي مطالبكم للمشاركة في مفاوضات جماعية قادمة؟

الساموري ولد بي: لعل المعلومة التي لديكم غير صحيحة نحن كنا الطرف الرئيس في تلك المفاوضات وكنا من أقوى المشاركين فيها  حضورا، وقد اتفقت المركزيات النقابية على أن نترأس  فريق العمال وكنت أنا رئيس فريق العمال في تلك المفاوضات، وكانت نتائجها معتبرة بالنسبة لنا ومن هذه النتائج زيادة 43% للحد الأدنى للأجور ومبدأ مراجعته  كل سنتين.

 

مركز الصحراء: هل لديكم ملاحظات على تلك النتائج؟

الساموري ولد بي: ملاحظتنا على نتائج تلك المفاوضات هي أنها قدمت إنجازات معتبرة (كمبدأ زيادة الحد الأدنى للأجور ومراجعته كل سنتين ومراجعة ضريبة الأجور) وقد تم تنفيذ هذه الأمور، وهناك ملاحظة عامة؛ وهي أن بعض المؤسسات لا تلتزم بتلك الاتفاقات ولا تطبق هذه القوانين، والدولة لا تأخذ الإجراءات اللازمة كحكم مشرف على تطبيق القانون بإلزام كافة الأطراف بتطبيقها. أما مفتشي الشغل فإنهم دائما يشكلون عرقلة في تعاملهم مع أرباب العمل حيث يساعدونهم في التخلص من تلك الالتزامات أو يعطونهم تفاسير خاطئة لبنود الاتفاق، وهذا ما يسبب لنا مشكلا كبيرا لأن الاتفاقات يجب أن تكون ملزمة لجميع الأطراف سواء الحكومة أو أرباب العمل.

 

مركز الصحراء: بالنسبة للمفاوضات الجماعية؛ الآن لا تطالبون بمفاوضات جماعية جديدة؟

الساموري ولد بي: طبعا نحن نطالب بمفاوضات جماعية جديدة، وهذا المطلب مطروح، لأن مفاوضات 2009 لم تحسم كل القضايا، ومشاكل العمال تتراكم يوم بعد يوم، وقد تقدمنا بعريضة مطلبية في فاتح مايو الماضي، ونطالب كل مرة بفتح الحوار، ونعتبره اليوم ضروري لإيجاد حلول لتلك الأزمات التي تواجه العمال كاحترام القانون وتطبيقه بالإضافة للمشاكل الشاكئة حول البطالة وحملة الشهادات، كما نطالب  ببحث كل هذه القضايا وإيجاد حلول لها.

 

مركز الصحراء: هل لديكم مطالب محددة للدخول في هذه المفاوضات؟

الساموري ولد بي: نحن جاهزون دائما للمفاوضات لأن تنظيمنا تنظيم مهني، ونعرف القضايا المطروحة، ويوميا نعمل من أجل تحسين ظروف العمال والآلية القانونية التي تشكل مرجعية لها كمراجعة الاتفاقية الجماعية العامة  التى لم تراجع منذ إنشائها في السبعينات، ومدونة الشغل تتطلب مراجعة وتتطلب أيضا سن النصوص المطبقة لها بعد مراجعتها التي كانت سنة 2004 وهناك النظم الدستورية للوظيفة العمومية، والتي تتطلب المراجعة أيضا؛ فكثير من  العمال متقاعدون ولم يتمكنوا من الاستفادة من حقهم في التقاعد والبعض الآخر تقاعد ولم يتمكن من أخذ حقوقه نظرا لبعض البنود القانونية التى لا تتماشي مع المرحلة وقضايا كثيرة تمس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المطروحة للعمال.

 

مركز الصحراء: هناك بعض الأطراف التي قاطعت المفاوضات الأخيرة؛ ما هو تعليقكم على هذه المقاطعة؟ وهل كانت احتجاجا على ظروف موضوعية؟

الساموري ولد بي: نحن نحترم للكل رؤيته ومواقفه إلا أننا نعتبر أن المفاوضات ينبغي أن يحضرها الجميع، فكل مفاوضات تشكل مطلب، ولكن عندما يظهر عدم جدوائيتها وعدم توفر الظروف الملائمة لنجاحها  يمكنه أن ينسحب ويعلن أسباب خروجه منها أما المقاطعة المبدئية فنعتبرها غير موضوعية.

 

مركز الصحراء: بصفتكم مناضل مؤسس في حركة الحر؛ ما هي الأهداف التي ما زلتم تسعون لتحقيقها من خلال الحركة؟ وماذا عن الخلاف حول استمرار الحركة أو ضرورة حلها؟

الساموري ولد بي: حركة الحر حركة نشأت في السبعينيات، وهدفها تحرير وانعتاق لحراطين في موريتانيا، وقامت بأدوار سياسية كبيرة كتكوين الجبهة الديمقراطية المعارضة قبل إعلان الدستور، وبعد ذلك من خلال إنشاء أول حزب ديمقراطي معارض، حيث كان لها دور بارز في التطورات السياسية التي عرفها البلد، هذا كله لم يجرنا إلى تصور أن مطالب الحركة تمت تلبيتها، فرغم انفتاحية قيادات الحركة واحتكاكهم مع الفاعلين السياسيين وممثلي السلطات وسلميتهم فإن نظام الدولة الموريتاني ما زال منغلقا على نفسه ورافضا أي تغيير لمنهجه ونظامه الذي يجعل الحرطاني خلق ليكون آلة وأداة وعبدا ورقيقا ومستغلا ... وهذه الوضعية كانت ولا زالت سائدة، ومادامت سائدة فهدف الحركة يعتبر قائما ويجب أن تبقى، كما يجب عليها أن تواجه ذلك النظام، لأنه لا يمكننا أن نقبل أن يكون دور البعض في المجتمع منحصرا في خدمة الآخر فاقدا لكل الحقوق الأساسية.

الخلاف داخل الحركة وقع بالفعل وهو غير جديد فقد وقعت في الثمانينات خلافات جذرية على الجوهر، فكان هناك من يرى أن حركة الحر حركة اجتماعية يستطيع أعضاؤها أن يشاركوا في حركات قومية مع الاحتفاظ بعضويتهم في الحركة، وهذا ما لم يقبل لهم وهو ما أدى إلى خروجهم من الحر مثل "اسغير وعاشور والحيمر" وغيرهم. بعد ذلك جاءت محطات أدت للبعض أن يأخذ بعدا من الحركة مثل "بيجل ومحمد لمين" رحمه الله. ورغم هذا لم تتوقف القافلة ولم يتأثر سير الحركة، فالانجازات مازالت متواصلة حتى في فترة مسعود ولد بلخير الذي يعتبر هرما قياديا من خلال رئاسته للبرلمان، والخلاف الجوهري الأخير هو ما جرى بين مسعود وبعض قيادات الحركة، فهو يعتبر أن دورها انتهى وقد حققت هدفها وأنه ينبغي حلها، بينما رأى قادة الحركة عكس ذلك وهو أن دورها قد  تعزز وعليها أن تطور من استراتيجتها، فالنظام البيظاني لا يقبل تغيير عقليته ولا مفاهيمه، حيث لم يتخل عن تلك الممارسات وعن فلسفته الضيقة التي تقتضي أن موريتانيا مجموعة بيظانية تمتلك الثروة النفوذ وتتحكم في مفاصل الدولة وهذا بالنسبة لنا لا يساهم في تعزيز الوحدة الوطنية ولا يمكن أن تتحد عليه كافة مكونات المجتمع، ومادمنا نحلم بالدولة الأم وبمجتمع يصون مصالح وحقوق الجميع فإننا لا نستطيع السير على هذه الوتيرة.

 

مركز الصحراء: هل لا زال هذا الخلاف قائما؟

الساموري ولد بي: الخلاف الأخير حل بالانفصال، فالجماعة التي تؤمن ببقاء حركة الحر وتطويرها انفصلت عن مسعود وفعلت الحركة وراجعت استراتجيتها النضالية وشكلوا حزب المستقبل.

 

مركز الصحراء: هل تتقاطعون في حركة الحر مع حركة إيرا في بعض النقاط؟ وما هي طبيعة العلاقة بين الحركتين؟

الساموري ولد بي: ليس فيه أي ارتباط لا وظيفي ولا استراتيجي ولا في الرؤى بيننا وحركة إيرا، فحركة إيرا حركة حقوقيه لها طرحها واستراتيجيتها وأسلوبها ونحن لا نشاطرها إياه ولكن نحترمها. بينما حركة الحر عندها مشروع سياسي ولها رؤية أشمل وهدفها الرئيسي أن تنال مكونة لحراطيين حقوقها الأساسية في الدولة الموريتانية والقضاء على التهميش والغبن والحرمان الذين يعتبر لحراطيين ضحية له. وفيما يخص قضية الرق فنحن في حركة الحر أول من ناضل ضد الظاهرة، لكننا نعتبر أن ظاهرة الرق أصبحت حلقة ضيقة فالمشكل المستفحل هو مشكل لحراطين الذين يشكلون أكثر من نصف المجتمع وهم مغيبين في كل الميادين وعلى جميع الأصعدة السياسية والإدارية والعسكرية، ونعتبر أن الوضعية التي يوجد فيها لحراطين اليوم تجعلهم متميزين على حالة الأرقاء، فبدل أن ننتظر حتى نجد حالة استرقاق لنهب وننهض نحن نطرح طرح شمولي ونطالب بحوار وطني وعمل جاد لخلق تفاهم وطني على ما هو مقبول نسبيا في الأزمات الناتجة عن الاختلالات البنيوية الكبيرة التي تميز الدولة الموريتانية.

 

مركز الصحراء: هناك أنباء عن أنكم تستقبلون في حركة الحر المنشقين من إيرا هل تعتبرونها منافسا قويا لحركتكم؟

الساموري ولد بي: استقبالنا لعناصر من إيرا وغيرها أمر طبيعي فنحن نعتبر أن حركة الحر تمتلك المرجعية التاريخية ولها بعد كبير وأي حرطاني انضم لنا فهذا حقه، ونحن نعتبر أن حركتنا قادرة على لم شمل لحراطين، وليس هناك أي تنافس بيننا مع أي حركة أخرى، فمشروعنا شامل ونحن لا نخلط بين مجمل القضايا فنحن نبحث عن حلول لمشكل لحرطين. وضمن الإطار العام للقضايا الوطنية المطروحة على المجتمع الموريتاني لا شك أنه سيكون لنا فيها دور كبير، لكن واقع لحراطين خاص ومميز لهم عن باقي ومكونات المجتمع ويتطلب منهم وقفة تميزهم.

 

مركز الصحراء: ما هو تعليقكم على الصعود السياسي والإعلامي للزعيم بيرام؟

الساموري ولد بي: نحن لا نعلق على صعود أحد فنحن في مجتمع له خصوصيته ونحن لا نعبر عن الأغراض الخفية للفاعلين. ما أعرفه أن الكثير من الموريتانيين عندهم حساسية كبيرة من حركة الحر ومن مشروع الحر وفكر الحر وخطابه ويزعجهم سماعه أو تركه ينتشر، فهناك شبه إجماع على محاصرة فكر الحر وعدم تشجيع تصديره، وهناك اتهامات كبيرة أصبحت ترد على ألسنة جميع الفاعلين عل أن خطابنا متطرف وفئوي، بينما قضية الرق التي ينشغل بها البعض تثير جدلا ونقاشا يجد الكل فيه ضالته، البعض يقول الرق وآخرون يقولون آثار الرق أو مخلفاته... هذه الجدلية تحل الإشكال للبعض غير أننا نعتبر أن المشكلة الحقيقية هي مشكل لحراطين، وحينما يحصل التصحيح الأساسي والجوهري فإنه سيقوم بتصحيح الصورة النمطية الموجودة اليوم  فمثلا من 53 حاكم هناك حرطاني واحد وكذلك على مستوى الولاة والأمناء العامون وقيادات الجيش... فهذه الشريحة التي تشكل أكثر من النصف لا تعطى لها الفرصة من أجل أن تظهر كجزء من هذا الكل الذي هو المجتمع الموريتاني أو المجتمع البيظاني وهذا ما لا يمكننا السكوت عليه، حيث يمثل بالنسبة إلينا وصمة عار، ومكافحتنا له وتصدينا له وخطابنا البارز في تحديد الموقف من هذه القضايا والتعبير عن رؤيتنا الفلسفية والإيديولوجية في هذه القضايا هو ما يزعج الآخر الذي يريد الحفاظ على الواقع وعلى هذه الصورة النمطية.

 

مركز الصحراء: أطلقت مؤخرا وكالة التضامن لمكافحة آثار الرق.. هل لبت مطالبكم في القضاء على ما يسمى بقايا الاسترقاق؟

الساموري ولد بي: لا وكالة التضامن مهزلة ونحن في حركة الحر عبرنا عن ذلك من خلال بيان أصدرناه وتظاهرة أقمناها أمام الأمم المتحدة فهي مهزلة حقيقة، فنحن نعتبر أن هناك مشكل وطني يتطلب قرارات جسيمة ولا يتم حله من خلال تفكيك جهاز قديم يواصل اهتمامه بمهامه السابقة مع اهتمامه بالقضايا المطروحة كالرق والفقر والمبعدين، هذا ما لا ينبغي وأفضل منه تركه، وهو ما أظهر رفض المجتمع البيظاني لتغيير وضع لحراطين، ومطالبنا في هذا المجال هي إقامة حوار وطني حول ظاهرة لحراطين والاعتراف بضرورة اعتماد سياسات تمييزية إيجابية لصالحهم وإقامة محاصصة تضمن للحراطين مستوى تمثيل يتماشى مع حجمهم الديمغرافي وإرساء قواعد تضمن للحراطين حصولهم على حقوقهم الأساسية في هذا المجتمع كتقاسم الثروة والوجود في مفاصل الدولة.

 

مركز الصحراء: كقيادي في حزب المستقبل المعارض؛ كيف تصفون علاقتكم بحزبكم السابق التحالف الشعبي التقدمي وزعيمه ولد بلخير؟

الساموري ولد بي: ليست لدينا علاقة بهم بعد الانشقاق، إلا أنه أيضا ليس بيننا وبينهم صراع ولا عداوة، فنحن اختلفنا حول قضايا جوهرية حتى حدث الانفصال، ومنذ ذلك الوقت وليس بيننا تنسيق ولا علاقة متبادلة إلا أنه أيضا ليس هناك تصعيد خطابي ضدهم.

 

مركز الصحراء: ما هو موقفكم في حزب المستقبل من الأوضاع الحالية للبلد، وهل أنتم أقرب إلى المشاركة أو مقاطعة الانتخابات المنتظرة؟

الساموري ولد بي: موقفنا من الأوضاع اليوم موقف قلق؛ لأننا نعتبر أن الوضع الذي توجد فيه البلاد وضع مخيف، فهناك أزمة حقيقية سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية وبنيوية هناك واقع سيء وخطير جدا، وينبغي أن يعي كافة الموريتانيين ذلك الواقع خطير جدا، وأننا بلغنا أقصى حد، وهو ما يحتم علينا ضرورة فعل أي شيء لتفادي الأسوأ، ولكن للأسف رأينا أن فيه نوع من التمادي والتعنت ورفض الاعتراف بهذا الواقع خاصة من لدن أصحاب القرار والسلطات التي لديها القدرة على فتح حوار حول أسباب الأزمة وسبل الخروج منها.

ومادام الوضع كحاله اليوم فإننا في مأزق خطير، وأي دولة في مثل هذا الوضع وتريد الذهاب إلى الانتخابات فإن ذلك كمن يصب الزيت على النار، ومن يحرص على مستقبل البلد عليه أن لا يدفع بموريتانيا إلى مخاطر قد لا يسهل الخروج منها.

وبالنسبة للانتخابات فإن موقفنا هو المقاطعة؛ فالمنسقية ترى أن أي مشاركة في الانتخابات ينبغي أن تكون حرة شفافة ونزيهة، وهذا ما لن يتم بدون ضمانات جوهرية من خلال حكومة محايدة تشرف على الانتخابات.

 

مركز الصحراء: سوف تقاطعون وتبقون متفرجين!! ؟

الساموري ولد بي: لا بالنسبة لنا سوف نقاطع الانتخابات القادمة ولن نبقي متفرجين، بل ستكون المقاطعة نشطة وفاعلة وسنحاول إفشال الانتخابات والتصدي لها بكل السبل والوسائل المتاحة.

 

مركز الصحراء: متى ستعلنون هذا الموقف للرأي العام؟

الساموري ولد بي: هذا الموقف معروف ومحدد وواضح للرأي العام ونتقاسمه مع منسقية المعارضة، وهو موقف معلن شيئا ما ومجمع عليه، وإذا كان ولد عبد العزيز لم يصدقه فإننا ننتظره الأمام حينما تأتي الانتخابات.

 

مركز الصحراء: الآن لم تسموا مرشحيكم في حزب المستقبل للانتخابات القادمة؟

الساموري ولد بي: ألم نقل إننا لا نؤمن بالانتخابات في مواعيدها المعلنة حتى الآن، فلم نر بعد ظروفا تجرنا للذهاب في ذلك السياق، وحينما تخلق الظروف المواتية سيكون لنا كلام آخر.

 

مركز الصحراء: لو أن الانتخابات حدد لها موعد متوافق عليه؛ هل من توقع للوزن الانتخابي لحزب المستقبل؟

الساموري ولد بي: أقول إنه سيفاجئ الناس، كما سيفاجئ الحزب الحاكم، حزب المستقبل حزب جماهيري، وهو في الحقيقة امتداد لحزب العمل من أجل التغيير وامتداد للتحالف الشعبي التقدمي، وجمهوره الأعظم هو اليوم شيئا ما في حزب المستقبل، ووجودنا وجود قوي وحاضر في كافة الولايات وفي نواكشوط، وإذا لم تظهر بسبب نقص وسائل النقل وغيرها فإننا اليوم نمتلك قاعدة عريضة وكوادر لديها تجربة طويلة في العمل والنضال السياسي.

 

مركز الصحراء: حزب المستقبل حزب ناشئ... ماذا عن مستوى انتشاره في الداخل؟ وهل لا زالت بعض المقاطعات لم تتمكنوا من الوصول إليها؟

الساموري ولد بي: حزب المستقبل موجود بالفعل في جميع الولايات، ولدينا هياكل في كل المقاطعات، فهذا الذي كان في حزب التحالف الشعبي التقدمي معظم هياكله انخرطت في حزب المستقبل، ونحن قمنا بجولات في جميع الولايات ونصبنا هياكل مؤقتة هناك، ولدينا بهم ارتباطات متواصلة، ونحن الآن نخوض حملة انتساب على كافة التراب الوطني، وهي الحملة التي نعتبرها حملة ناجحة من خلال الإقبال الكبير الذي نلاحظه، فحزب المستقبل حزب وطني يضم كل وجوه الوطن وكافة شرائحه من البيظان والزنوج، وهو حزب منافس وقوي، وسنقيم مؤتمرا عاما تخرج به الهياكل الحالية من الصفة المؤقتة إلى الصفة الرسمية، حيث تم تنصيبها خلال المؤتمر التأسيسي منذ حوالي سنة وفي القانون الداخلي أن  المأمورية تشمل 4 سنوات.

 

مركز الصحراء: ما هو تقييمكم الشخصي لمدى الانسجام بين الشرائح الاجتماعية المكونة للبلد؟

الساموري ولد بي: ليس هناك أي انسجام داخل المجتمع الموريتاني لكن هناك ما يمكن أن نسميه هدنة قد تعقبها زوبعات وهزات، ففي الحقيقة حين لا تكون كل المكونات يعترف بعضها بالبعض الآخر، ويتقبل كل منها الآخر باعتباره مثله وأنه جزء من المجتمع، وأنهم كلهم سواسية، وأنهم أبناء هذا البلد يتعاونون لبنائه، حينها يجد كل منهم مكانته وحقوقه، وهذا ما يمكن أن يقع حوله تفاهم أساسي.

وهناك البعض لا زال ساكتا عن حقوقه رغم أنه غير راض عن الوضع لكنهم سكوتهم في انتظار أن يغير الآخر من نمطه ويعترف لهم بحقوقهم، لكن الآخر وهو البيظاني لم يفتح المجال لتغيير هذا النظام النمطي القائم، ويعتبر أن أي أحد يحمل تصورا غير ما هو موجود في الواقع لديه أمور غير طبيعية وهو غير عاد ويهدف للبلبلة؛ فالصورة ما دامت هكذا حيث يعتبر البعض أن مثل هذا التصور يشكل نوعا من الاستفزاز مما يدفع الآخر نحو التطرف وهو ما يدفعنا جميعا إلى الهاوية بدل أن تكون هناك عوامل تدفعنا للوحدة والوئام والتعايش السلمي والثقة المتبادلة.

 

مركز الصحراء: إذن ترون أن مجتمع البيظان أقرب هو إلى الانسجام مع مجتمع الزنوج أو لحراطين؟

الساموري ولد بي: المجتمع البيظاني أكثر تقبلا للزنوج من لحراطين، وكانوا ولا زالوا يشكلون تحالف؛ فمنذ نشأة الدولة الموريتانية حدث تحالف البيظان والزنوج وتفاهموا لتقسيم الكعكه على حساب لحراطين، وتقاسموا الدولة من حكوماتها ومن إداراتها ومن ثروتها على حساب لحراطين، وقاموا بتنمية وترقية أنفسهم من خلال المدارس والمستشفيات والبنى التحتية، وتركوا لحراطين في "آدوابه" أبناؤهم يموتون جوعا حيث التخلف والأمية والبؤس، هذا هو الواقع وما زال قائما، ورغم أن الزنوج والبيظان يتصارعون ويتخالفون إلا أنهم متفاهمين أنهم ينبغي أن يتكاتفوا دون لحراطين ولا يعترفوا لهم بحقوقهم.

 

مركز الصحراء: هل من حديث عن محددات هوية لحراطين؟

الساموري ولد بي: أنا أرى أن لحراطين ليسوا بيظان والبيظان ليسوا حراطين لكن توجد بينهم قواسم مشتركة قوية ثقافيا وحضاريا مع المجتمع البيظاني نظرا لعوامل أخرى كبيرة تربط بينهم والبيظان. كما أن لحراطين ليسوا زنوجا بطبيعة حالهم اليوم وإن كانت هناك عوامل تاريخية وجذور عرقية زنجية تمنع ذلك. فللحراطين ميزتهم وخصوصيتهم، وهذه الخصوصية عمد البعض إلى تهديمها وتدميرها عبر العصور من خلال منع تطورها وترقيتها، فحتى الآن وسائل الإعلام لا تعطي فرصة للحراطين من أجل الحديث عن خصوصياتهم وأمجادهم وماضيهم وثقافتهم الخاصة أو عن حكايات أو أي شيء يخصهم كما هو حال الآخرين، فهم محرومون من ذلك، ويعتقد البعض أنه لو تم التطرق إلى شيء من هذا القبيل فإن ذلك يجر نوعا من التمييز ونحوه رغم أن هذا حق، وينبغي أن يكون حق شرعي مقبول لأي إنسان لأي جماعة من المجتمع، ولكن في الحقيقة جميع الخصوصيات الثقافية والحضارية لجميع المكونات المختلفة للمجتمع يجب أن تشكل ثراء وتكون ثقافة وطنية منسجمة نفتخر بها كلنا ولا ينبغي أن تكون مصدرا للتفرقة.

 

مركز الصحراء: شكرا جزيلا على رحابة الصدر.

الساموري ولد بي: شكرا جزيلا.