الإسلام والإرهاب واللا إسلام

بقلم الأستاذ : محمد فال / محمد / ألمين

رئيس المجموعة الشبابية لحزب الفضيلة

من الضروري التأمل في المشهد الحالي للأمة الإسلامية ، وما تشهده من أحداث مأساوية تطرح عدة أسئلة حول ظاهرة الإرهاب ، وعلاقتها بالإسلام ، والبيئة التي وفرت الظروف الحاضنة لهذه الظاهرة في المجتمعات المسلمة.

  من خلال هذه الجدلية نود الإجابة على سؤالين هما : ما العلاقة بين التطرف ومحاربة الإسلام ؟ وهل سد الباب أمام المشروع الإسلامي مغذ لهذه الظاهرة ؟

  عند نظرنا إلى السؤال الأول نجد أنه كل ما كان نظام الحكم في بلد إسلامي معين , معاد لكل ما هو إسلامي ، نجد ميلا غريبا في هذا المجتمع للتطرف ، ولعل هذا راجع إلى ردة فعل معين من المجتمع على سلوك السلطة .

  ومن الأمثلة الحية على هذا ، واقع الحال في الجمهورية التونسية الشقيقة ، فعندما كان نظام بن على يعذب الإسلاميين في السجون ، ويضيق على التونسيين في عبادتهم حتى وصل به الأمر أن منع المواطنين من الحج في أحد المواسم مدعيا الحفاظ عليهم من أنفلونز الطيور ، وهو في الحقيقة منتهزا أي فرصة تسمح له بمحاربة شعائر الإسلام ، كان التطرف أكبر وأوسع انتشارا.

   أما التضييق الخانق على المصلين ، والنشاط الإسلامي للحركات الإسلامية فحدث ولا حرج.

  ومن هنا كانت ردة الفعل سابقة الذكر تجد مغذي رئيسي لها وهو السلطة الحاكمة ، ولعل ما جرى من تحريض على حكم حركة النهضة من الطرف اليسار التونسي هو مجرد امتداد لما كان يقوم به هذ الكيان في ظل نظام حكم ( بن علي )، فهو ــ أي اليسار ـــ  من دجل  (بن على) وشكل رؤيته المعادية للإسلام كما يقول (عبد الفتاح مور ) وذاك عند وصوله للسلطة نهاية الثمانينات .

    ولا أدل على عداء اليسار العربي خاصة ، لكل ما هو إسلامي من عدائهم لشركائهم في الثورة في تونس ، ومصر، إذا كانوا شاركوا في الأصل في ثورات الربيع العربي .

   ففي تونس اتخذوا من مقتل ( بلعيد ) شماعة لشيطنة حركة النهضة واتهموها بالمسؤولية عن مقتله ، ومنطلقهم في ذلك هو الإمعان في العداء لكل ما هو إسلامي ، فإذا افترضنا جدلا أن حركة النهضة مسئولة سياسيا كونها من يتولى زمام الأمر آن ذك ، فهذا يعني مسؤولية السبسي ونظامه عن الهجمات الإجرامية الأخيرة ، وهذا ما لم يقل به أحد من وطاويط اليسار التونسي.

  وهذا كله يؤكد نظرية التربص لدى هذا الكيان ويعطي مشروعية ــ إلى حد بعيد ــ لردة الفعل تلك ما دام المعتدل محاربا وهذا يعطي تمهيدا للإجابة على سؤالنا التالي.

  ويتعلق سؤالنا هذا بسد الباب أمام المشروع الإسلامي ، ومحاربته بأبشع الوسائل المتاحة.

   ومن الجدير بالذكر أن المشروع الإسلامي المعتدل القائم على أساسين اثنين هما : تحكيم شرع الله بين عباد الله كحد أدنى ، والعودة بالأمة الإسلامية إلى ظلال الخلافة الراشدة كحد أقصى ، تأكيدا للمقولة القائلة أن الأمة لن يصلح آخرها إلا بما صلح به أولها .

  لا يخرج المشروع الإسلامي المعتدل إن لم نقل الصحيح عن هذه الثنائية مهما اختلفت أطيافه ، وقد رضي القائمون على هذا المنهج بالتباع أنجع الوسائل المتاحة عالميا للوصول إلى الحكم بغية تنفيذ مشروعهم ، لكنهم فوجؤوا بحملة عشواء من طرف من لا قيم لهم ولا دين ، وأصحاب النفوس المريضة ، متلاقية مع كراسي مهتزة تملك الكثير من الوسائل ، فحطمتهم أمام عالم لا ضمير له ، المتحكم الرئيسي في توجهاته هو المصلحة ، وإن كانت على أشلاء الجثث في رابعة والنهضة .

  فماذا بقي أمام الشباب المسلم الغيور على دينه عندما غيب موجهوه في غيابات السجن في أحسن الأحوال ، أو القتل في أحيان أخر ، إلا أن ينجرف تحت أي شعار يقول لا إله إلا الله وإن كان حاملوه مجرد قتلة بسم الدين لا يمكن تبرير نهجهم بأي وجه شرعي .

فهم في إجرامهم تجاوزوا كل الحدود ، ولم يراعوا لا دينا ، ولا عرفا ، في مختلف أفعالهم .

  ولكن يبقى من وفر البيئة الملائمة لنموي هذي الظاهرة أكبر جرما منهم بكثير .

  ونشير في الأخير إلى سؤال تجب الإشارة إليه موضوعيا وهو هل كان لعدم تطبيق المشروع الإسلامي ، من طرف حامليه ـــ حين أمكنهم ذلك ــ دور فيما حل بهم في الوقت الحالي ؟ وهل أمكن لهم ذلك فعلا؟

بقلم الأستاذ : محمد فال / محمد / ألمين

رئيس المجموعة الشبابية لحزب الفضيلة