وقفات:حكمة القرود بقلم الأستاذ:محمد ولد سيداحماد

تروي الروايات الشعبية أن سيلا عارما مر بمملكة القرود ، فجرف بناءها وحمل أفرادها بمن فيهم كبيرهم

وبعد وقت وجد الأفراد أنهم يحيطون زعيمهم في رحلة غصبا عنهم فسألوه وكعادتهم كلما ألمت بهم كارثة أو أمر جلل عما سيفعلون لتجاوز هذا الظرف ، فنظر بتأمل فإذا بذيله يتقدمه ، فرد عليهم قائلا:إنني لاأجيب على مثل هذه الأسئلة إلا إذا عاد ذيلي إلى طبيعته.

كما تروي تلك الحكايات أن واحدا من تلك المجموعة أرهقه سماع البعض وهم يعيرونه بالدمامة وقبح المنظر فأراد أن يتأكد من الأمر فاختلس مرآة والدته ، وعندما ابتعد عن الخيمة أخرج المرآة وتأمل صورته بداخلها ثم قال : "هاذ زاد ياسر".
وتروي أيضا أن ملكا دعا كل أهل مدينته إلى حفل فتهيأ الكل ، لكنه في اللحظات الأخيرة أصدر مرسوما يستثني من الدعوة كل فرد لايتمتع بقدر من الجمال ، وكان من من استعد للحفل والدة القرود وعلمت بالمرسوم الجديد فأخذت هي الأخرى المرآة وبدأت تتأمل صورتها ، وأخيرا قالت مخاطبة نفسها : لست قبيحة لكنك لن تذهبي إلى الحفل.
تذكرت هذه القصص الثلاثة وأنا أتأمل واقع المجتمع الموريتاني "مجتمعنا جميعا" الذي تضغى على أغلب أفراده موجة استلاب وعدم ثقة بالنفس وهذا مالايجب لمجتمع يريد لنفسه أن ينهض فأول خطوة للبناء وللتقدم والازدهار هي الثقة بالنفس والاعتراف بالآخر وبقدراته.
فإذا تأملنا الأمثلة الثلاثة لوجدنا حكمة الزعيم في المثال الأول فقد اعترف بالأمر الواقع لكن ذكاءه جعل رعيته ترضى وتستوعب ماقل لأنها تعرف أن الخطر محدق بهم جميعا وعليها أن تعاضد حاكمها وتقف معه لكي ينجو الجميع , وفي المثال الثاني يفهم القرد حقيقة ملامحه ويعترف للآخرين بآرائهم بل يعتبرهم جاملوه حين لم يقولوا كل الحقيقة,
أما في ما يتعلق بالمثال الأخير فقد كانت السيدة شديدة الثقة بنفسها و "بملامحها " وإن كانت في النهاية لن تذهب إلى الحفل.