السوريون يرفضون المخيم والحكومة تخيرهم بين300 مليون أوالتهجير

مرت ثلاثة أيام على إقامة أول مخيم للاجئين السوريين في نواكشوط، دون أن يقيم فيه أي لاجئ. الخيام الخمسون التي ضربت في محيط المعرض الوطني بمقاطعة عرفات في نواكشوط، خالية، إلا من حرس يؤمنون المكان، بينما ينفخ صانع تقليدي موريتاني بجوار المخيم في كيره، بحثا عن زبناء جدد، توقع أن يحيوا صناعته الراكدة في المعرض الذي أقام فيه لثلاثين سنة، كما يقول. 
أما جناح الحيوانات النادرة فهو أشبه بسجن جزيرة غوري القديم، الذي كان محطة لإرسال الرقيق إلى العالم الجديد، فقد نفق آخر أسد جوعا، قرب  خزانات مفوضية الأمن الغذائي.
خصصت الحكومة الموريتانية أكثر من 300 مليون أوقية من ميزانية السنة المالية الجديدة، لإقامة مخيم خاص بمن يفترض أنههم لاجئون سوريون، تدفقوا هربا من الحرب الدائرة في بلادهم.
 وبحسب مصادر خاصة تحدث إلى صحراء ميديا فإن المبلغ المذكور أصبح في يد الجهات الحكومية المعنية بالعملية ، وهي وزارة الداخلية ومفوضية الأمن الغذائي.
وفعلا شرعت الحكومة الموريتانية في تنظيف وتجهيز مساحة من فضاء المعرض، حيث  شيدت زهاء خمسين خيمة مجهزة بالأفرشة والأغطية، كما جهزت معدات الحمامات، استعدادا لعشرات اللاجئين السوريين، لكن اللاجئين رفضوا الإقامة في المخيم بعد أن وفدت دفعة أولى إليه، مكونة من 15 شخصا، عشية بنائه قبل أن تقرر طي أمتعتها والعودة إلى إقامات أكثر رفاهية، بدعوى أنهم عابرون، وليسوا لاجئين. 
قبل أسابيع بدأ توافد العشرات من المواطنين الذين يحملون الجنسية السورية إلى نواكشوط، عبر رحلات جوية متفاوتة، السوريون القادمون يتحدثون بلهجة دارجة تارة وفصيحة تارة أخرى، توزعوا لأسابيع عند أهم الطرق الرئيسية في العاصمة، طالبين العون والمساعدة من المواطنين الموريتانيين، "أثار مشهد أشقاء عرب يتسولون في طرقات نواكشوط شفقتي، وأحسست بحجم الضرر الذي لحق بذلك البلد بسبب الحرب الأهلية" يعلق رجل موريتاني، وهو يخرج نقودا من جيبه لمنحها لعائلة سورية، وقفت بكامل افرادها عند ملتقى طرق "مدريد". 
لكن انتشار أؤلئك السوريين أثار جدلا واسعا داخل وخارج موريتانيا، وسط اتهامات تارة لمجموعات من "الغجر" بممارسة نوع جديد من تجارة البشر، واتهامات أخرى لأطراف معينة بالضلوع في "تصدير" المأساة السورية إلى موريتانيا، لأخذ العبرة من مآلات  الربيع العربي. 
وفيما يتساءل مراقبون عن سبب إحجام اللاجئين السوريين عن الإقامة في المخيم الجديد، تقول مصادر مقربة من السلطات الموريتانية إن قوانين البلاد تمنع التسول في الشوارع على الموريتانيين ، فكيف تسمح به لغيرهم، وتبرر السلطات قرارها بمنع تسول السوريين في نواكشوط، بأنه جاء احتراما لكرامة المواطن العربي، وحرصا على جو الأمن والسكينة، "فنحن دولة لها سيادة ومن اللازم احترام قوانينها" يعلق لنا مسؤول حكومي رفيع. 
من جانبها تبرأت السلطات السورية من اللاجئين، و قال مصدر دبلوماسي سوري لصحراء ميديا إنه لا يوجد لاجئون سوريون في موريتانيا، مضيفا أن "هناك جالية سورية تعمل بشكل طبيعي".
وفي حديث لصحراء ميديا مع بعض المقيمين السوريين، أكد أن المتسولين المنتشرين في شوارع نواكشوط "ليسوا سوريين"، واصفين إياهم بـ"الهَجَرْ"، قائلين إنهم عبارة عن مجموعة من المهاجرين الذين استقروا في سوريا لفترة قصيرة وغادروها مع بداية أعمال العنف.
واشتكى بعض السوريين المقيمين في نواكشوط، من أن هؤلاء المتسولين أضروا بصورة وسمعة بلادهم، قائلين إنه لا يوجد سوري متسول بالعالم، وأن هؤلاء استغلوا كرم الموريتانيين وتعاطفهم مع القضية السورية.
وفي الوقت ذاته تؤكد مصادر رسمية موريتانية، أن اللاجئين يحملون الجنسية السورية، مشيرة إلى أن  بعضهم من أصول غجرية، وبعضهم من أصول أرمينية.
ويقيم اللاجئون السوريون في بيوت مؤجرة بأحد أرقى أحياء نواكشوط، وقد بدأت السلطات إحصائهم، تمهيدا للبحث عن حل لمشكلتهم، وخيرت السلطات الموريتانية ضيوفها بين الإقامة في المخيم أو تامين تذاكر سفر لهم لأي  مكان يختارونه.
ويبدو أن غالبية اللاجئين السوريين يميلون إلى منحهم تذاكر للخروج من موريتانيا .