"السور الأخضر " رهان إفريقيا على لتحقيق الأمن الغذائي
- التفاصيل
- نشر بتاريخ الخميس, 15 آب/أغسطس 2019 19:23
تعتبر مبادرة السور الأخضر العظيم أحد أضخم المشاريع التنموية في القارة الإفريقية ، وقد أطلقت هذه المبادرة عام 2007 بهدف
القضاء على التصحر والفقر والجوع، وتغيير حياة ملايين البشر الذين يعيشون في منطقة الساحل الأفريقي التي تعد أحد أكثر الأماكن فقرًا في العالم.
وتضم هذه المبادرة 11 بلدا وتهدف إلى إنشاء غطاء نباتي يسهم في وقف زحف الرمال والتصحر عبر دول جنوب الصحراء وذلك من خلال تشجير مناطق تشكل حزام أخضر يمتد من موريتانيا إلى جبوتي بطول 700 كلم وبعرض 15 كلم في المناطق التي يبلغ معدل الامطار فيها ما بين 100مم إلى 400 مم سنويا الواقعة ضمن المنطقة الصحرواية الساحلية
وفي عام 2014 أنشأت موريتانيا الوكالة الوطنية للسور الاخضر الكبير وذلك تلبية للحاجة الملحة لمواجهة مشاكل بيئية تتمثل في التصحر واستفحال ظاهرة زحف الرمال, و مواجهة للتحديات الكبرى في إطار التعاون الإقليمي لمكافحة تلك الظواهر وعلي المدى البعيد ووضع سياسة فعالة خدمة لأهداف و ضمانا لتنمية اقتصادية واجتماعية متناغمة تركز على الإنسان ونظامه البيئي خاصة في المناطق الريفية الاكثر فقرا بخمس ولايات من الوطن هي اترارزة ولبراكنه ولعصابه و تكانت و الحوضين .
وبعد 4 سنوات من إنشائها أطلقت الوكالة أنشاطات لهذا العام 2019 من ولاية اترارزة، عبر إنشاء مشتلات لإنتاج الشجيرات المحلية على مستوى 7 مواقع، وذلك لاستخدامها في تثبيت الرمال المتحركة، و معالجة مشكلة زحف الرمال الذي يحدث بفعل انتقال حبّات الرمال محمولةً بهبوب الرياح ومن ثَم تراكُمها على هيئة كثبانٍ على السواحل، وعلى امتداد مجاري المياه، والأراضي الزراعية، أو المناطق الخضراء غير المزروعة ، و تتحرّك تلك الكُثبان لتدفن تحتها القرى، والطرق، والواحات، وقنوات الريّ، والمحاصيل، والسدود مُلحقةً أضراراً اقتصاديةً كبرى مما يُفاقم من أوضاع الفقر وانعدام الأمن الغذائي.
كما قامت بإعادة تأهيل بعض الآبار الرعوية وإنشاء مداجن وحوانيت قروية واستصلاح مواقع لزراعة الخضروات، في حين ستشمل قريبا تدخلات الوكالة ولاية لبراكنة.
مشاريع كبرى سترى النور قريبا
وقال المدير العام للوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير سيدي محمد ولد لحلو أن الوكالة بصدد تنفيذ مشاريع عملاقة في هذا المجال تعكف حاليا بالتعاون مع الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة والمصادر الطبيعية، على تنفيذها وبتمويل من قبل صندوق البيئة العالمي، و بكلفة بلغت “خمسة ملايين دولار أمريكي ” أي ما يناهز 2 مليار أوقية على مدى أربع سنوات، سيمكنها من القيام بعدة أنشطة تتمثل في دعم التعاونيات الزراعية والمشاريع التنموية الصغرى و تشجيع المزارعين والمنمين في الولايات المستهدفة والقيام بتدخلات مماثلة في المناطق الرطبة في كل من”بوكاري” بولاية لعصابة و”تامورت نعاج” بولاية تكانت و” محمودة” بولاية الحوض الشرقي.
وأوضح ولد لحلو أن هذه الوكالة ترمي إلى دعم التنمية المحلية وحماية البيئة في المناطق التي يمر بها مسار الوكالة، والذي يشمل ولايات اترارزة ولبراكنة وتكانت ولعصابة والحوضين، من خلال تنفيذ مشاريع مدرة للدخل وتثبيت الرمال وإنشاء محميات رعوية وأنشطة من شأنها أن ترفع من المستوى المعيشي للسكان المحليين وتخفيف الضغط على الموارد الطبيعية وتثبيت السكان في مواقعهم الأصلية وهي تدخلات تطال حوالي 482 ألف نسمة تتوزع في الولايات المذكورة.
كما تستعد لإعادة تأهيل المناطق الرطبة من خلال منع تسرب الكثان الرملية إليها عن طريق دارسة قام بها الصندوق العالمي للبيئة .
الانشطة التي قامت بها الوكالة حتى الأن
نفذت الوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير منذ انشائها عام 2014 عدة مشاريع من أهمها حملات التشجير الكبرى لحماية العاصمة انوكشوط من زحف الرمال التي بات تهددها ، نفس حملة التشجير قامت بها الوكالة ايضا لحماية مدينة شنقيط التاريخية من زحف الرمال وعوامل التصحر حيث قامت بغرس آلاف الاشجار في محيط المدينة الاثرية ذات الرمزية التاريخة
كما قامت الوكالة بإفاد بعثات إلى القرى والتجمعات المستهدف للاطلاع على احوال السكان ومعنية المشاكل التي يعانون منها واعداد تقارير ومقترحات تساعد في تدخل الوكالة في تلك المناطف وبالتنسيق مع عمد و منظمات المجتمع المدني في تلك المناطق .
إشادة دولية بالدور لمبادرة السور الاخضر العظيم
ولتجسيد حجم المشكلة التي تعيشها بلدان الساحل والصحراء، أشارت نائبة رئيس البنك الدولي لشؤون التنمية المستدامة، لورا تاك، إلى أن نحو 300 مليون إنسان في شرق أفريقيا وغربها يعيشون في مناطق جافة، مؤكدا أن البنك الدولي سيواصل دعمه وتمويله للمبادرة، قائلة "إن المشروع يصنع العجائب، فمعظم الأراضي أعيد تعميرها واستخدامها للزراعة، وقد قمنا من جانبنا بضخ 4ر4 مليار دولار داخل المشروع ونتعهد بأكثر من 9ر1 مليار دولار، إن هذا المشروع الناجح هو أفضل رد أفريقي وعالمي على ظاهرة التغير المناخي، وسوف نعمل على تكراره في أنحاء العالم".
ولم يكن البنك الدولي المنظمة الوحيدة التي أبدت حماسها لدعم المشروع، فقد أبدى ممثلو الاتحاد الأوروبي، وبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، ومنظمة الغذاء والزراعة (الفاو)، والصندوق العالمي للبيئة تعهد منظماتهم بتقديم المزيد من التمويلات للمشروع، ودعوا إلى المزيد من الابتكار ومشاركة التجارب والمعلومات لإنجاح المشروع وزيادة مستويات الصمود في وجه التغيرات المناخية في أنحاء العالم.
ويتبنى المشروع مفاهيم التنمية للمناطق النائية حيث تشارك أطراف المجتمع بجدية ودأب في زراعة الأشجار، ومتابعتها وممارسة الزراعة وإعادة التعمير في الأراضي لضمان حياتهم وتحسينها.
وتمثل القطاعات الأولية مثل الزراعة والرعي الأنشطة الاقتصادية الرئيسية التي تسهم في توظيف نحو 90 في المائة من السكان المحليين، فضلا عن إسهامها في توليد ما يقرب من 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الأقل في معظم منطقة الساحل والصحراء التي لا تزال تواصل جهودها لبناء "السور الأخضر العظيم" في تجربة فريدة للتصدي للتقلبات المناخية عبر تبني مفاهيم مدمجة لإدارة الأنظمة البيئية في منطقة الساحل والصحراء، الأمر الذي جعلها محل رعاية مجلس الاتحاد الأفريقي الذي تبناها بصورة رسمية اعتبارا من عام 2007.
وباتت محط أنظار المؤسسات الدولية التي أبدت رغبتها في استنساخها أملاً في مواجهة قضايا الفقر والتصحر والجور على الغابات والجفاف والهجرة الإجبارية في مناطق أخرى في أنحاء العالم.




