دور البنوك الموريتانية في تمويل التنمية الاقتصادية لا يزال محدودا

قال الخبير الاقتصادي والوزير السابق والإداري العميد اسلم ولد محمد

إن القطاع المصرفي الموريتاني يقوم ببعض العمليات المتعلقة بالوساطة المالية لكن دوره في تمويل التنمية الاقتصادية لا يزال محدودا وفق تعبيره.

وأضاف ولد محمد في مقابلة خاصة مع صحيفة "الاقتصادي" المتخصصة أن موريتانيا من الدول الأقل استفادة من خبراتها الطبيعية بشهادة صندوق النقد الدولي.

وفيما يلي نص المقابلة:

الاقتصادي: كيف تنظر إلى الوضعية العامة للاقتصاد الوطني؟

إسلم ولد محمد: عرف الاقتصاد الوطني الموريتاني خلال السنوات الأخيرة تطورا تجسد في المعطيات التالية:

1-    استغلال موارد طبيعية جديدة: بترول (2006) النحاس (2006) الذهب (2007).

2-    ارتفاع أسعار الحديد الخام من حدود 20$ حتى بداية سنوات 2000 إلى ما يربو على 160$ خلال سنة 2010–2011 وحدود 130$ خلال السنة المنصرمة، ثم ارتفاع أسعار الذهب من 300$ إلى حدود 1800$ خلال السنوات الأخيرة مع حفاظ أسعار البترول خلال السنة الحالية على مستواها. انعكست هذه الوضعية إيجابيا على ميزانية الدولة التي كانت أقل من 130 مليار أوقية لتصل 396 مليار في السنة الحالية (2013) كما أن لهذه الأحداث تداعيات إيجابية أخرى من بينها زيادة الاحتياط من العملة الصعبة.

الاقتصادي: الحكومة تعلن عن احتياطات ضخمة من العملة الصعبة وفائض في الميزانية ما هو تقييمك لهذا الاحتياطي والفائض وهل له انعكاس إيجابي على المواطن؟

إسلم ولد محمد: الاحتياط الخام من العملة الصعبة تحسن بطبيعة الحال كما أن ميزانية الدولة عرفت حسب التقديرات المتوفرة فائضا يقدر ب 38% من الناتج المحلي الإجمالي 2012 لكن ليس لهذا المؤشر أهمية كبرى لأن الحصول عليه أو على فائض أكبر يمكن الحصول عليه إذا كان هدفا في حد ذاته بعدة طرق ليست كلها إيجابية.

الاقتصادي: أعلنت الحكومة في أكثر من مرة عن وصول معدلات النمو إلى 6% ما هو تقييمك لهذه المعدلات وما نسبة التضخم فيها؟

إسلم ولد محمد: إن معدل النمو لا يعدو تقديرا مبنيا على مؤشرات منها ما هو مباشر ومنها غير مباشر، ويعتمد على المعلومات الإحصائية بالدرجة الأولى، إلا أن الجهاز الإحصائي المركزي الموريتاني ضعيف جدا ويفتقر إلى الثروات البشرية وتدني الرواتب والامتيازات، كما أن الإحصاءات الإدارية المساعدة مركزية كانت أو جهوية فقيرة هي الأخرى.

رغم هذا فإن جميع المعطيات المتوفرة توحي بأن معدل النمو ارتفع بالنسبة للسنة الماضية لاعتبارات موضوعية من بينها تحسن الإنتاج الريفي (زراعة، تربية مواشي..) نظرا لتحسن في الأمطار خلال السنة  الماضية، هذا بالإضافة إلى عدة مشاريع في البنية التحتية (طرق، مواني، أشغال عامة، مطار انواكشوط..) وكذلك حركة البناء، هذا بالإضافة إلى أن معدل النمو في القارة الإفريقية زاد على 5% لنفس السنة و6.9% في غرب إفريقيا، لكن يجب أن يفهم المواطن أن أي نشاط اقتصادي ولو كان ضارا يزيد من نسبة الإنتاج وبالتالي من معدل النمو، وهذا الأخير لا يكون له تأثير إيجابي على مستوى المعاش إلا في ظروف معروفة ومن بينها:

1-    أن يكون نتيجة لمساهمة أكبر عدد من القطاعات خاصة تلك التي لها صلة بالفقراء وتواجد أكبر عدد من السكان وتقليص البطالة.

2-    أن تكون الفرص متاحة للجميع في نطاق تطبيق مبادئ الشفافية والمنافسة الحقيقية بين الفاعلين الاقتصاديين.

3-    أن تكون مداخيل الدولة الناتجة عن معدل النمو تستعمل لأغراض بالدرجة الأولى تتعلق بمكافحة الفقر على المدى القصير والبعيد (الاختبار الأفضل للاستثمار العمومي).

الاقتصادي: يوجد في موريتانيا أكثر من بنك هل هذه المصارف تقوم بدورها على أحسن وجه وما هي مواطن الخلل فيها وهل تقوم بأداء التزاماتها كما ينبغي؟

إسلم ولد محمد: القطاع المصرفي الموريتاني يقوم فعلا ببعض العمليات المتعلقة بالوساطة المالية: تسهيل عمليات التجارة الخارجية، توزيع السيولة على المدى القصير لكن دوره في تمويل التنمية الاقتصادية لا يزال محدودا لعدة عوامل من أهمها: تشتيت الجهود وضعف المورد الذاتية والودائع التي لا تسمح بمنح التمويلات على المدى المتوسط والطويل، ناهيك عن ارتفاع الفوائد المصرفية وهذه الأخيرة مرتبطة بمستوى التضخم المالي وقدرة السلطات العمومية على السيطرة عليه.

في الماضي تمت محاولات فاشلة (UBDمثلا) واليوم أعيدت عن طريق صندوق الإيداع والتنمية في ظروف جديدة لكن التجربة حديثة ولا يمكن الحكم عليها مسبقا. يبقى أن هناك نواقص متعلقة بالتنظيم والرقابة والعقوبة الفعلية فيما يتعلق بمخالفة النصوص المصرفية وبصفة شفافة وصارمة وهنا ندخل في مشكل ضعف القدرات خاصة القدرات البشرية المتوفرة ولو افترضنا وجود إرادة سياسية صادقة.

الاقتصادي: تشهد السوق الوطنية ارتفاعا مضطردا في الأسعار أنتم كخبير اقتصادي ما الذي ترجعون إليه هذه الارتفاعات وهل لها مبرر؟

إسلم ولد محمد: إن مشكل زيادة الأسعار معقد تتداخل فيه العوامل التالية:

1.      بما أننا في دولة تستورد أغلب ما تستهلك من الخارج (70% من المواد الغذائية على سبيل المثال) هذا يعني أن لقيمة العملة الوطنية أهمية أساسية (سعر الصرف) هذه القيمة تتدهور مع الزمن لعدة عوامل أخرى يضيق الوقت والمكان عن عرضها بالتفصيل كما أن السوق مرتبطة بأسعار المواد والخدمات في الخارج ومضارباتها.

2.      على المستوى الوطني عدد الوكلاء المستوردين محدود جدا لعدة عوامل داخلية وخارجية منها ما هو بنيوي وبالتالي تكون المنافسة محدودة جدا.

رغم كل هذا مقارنة مع بعض الدول المجاورة فإن أسعار بعض المواد الأساسية في بلدنا أقل ارتفاعا، لكن مستوى الأجور والمداخيل بصفة عامة وتوزيعها هو الذي يزيد من حدة ارتفاع بعض المواد المستوردة مثل البنزين والمواد الغذائية الأساسية كالأرز والقمح أو السكر في فترات.

الاقتصادي: هناك أكثر من مورد اقتصادي السمك الحديد النحاس الذهب ما هو تقييمك لأداء هذه الموارد على الاقتصاد الوطني وكيف تقيم السياسة المنجمية؟

إسلم ولد محمد: موريتانيا بلد نظريا غني؛ لأنه يمتلك ثروة طبيعية هائلة، لكن وجود ثروة طبيعية لا يكفي وحده في أي بلد لجعله يستفيد ويحولها إلى تنمية اقتصادية واجتماعية، بل توجد عدة بلدان متقدمة وصناعية لا ثروة طبيعية على ترابها؛ فالمشاكل تكمن فيما يلي:

1        جميع ثرواتنا تصدر إلى الخارج كمواد خام كانت في الماضي أسعارها ضعيفة جدا، ولا نستفيد إلا بنسبة محدودة من القيمة الحقيقة للمواد المصدرة بما في ذلك السمك والحديد، ومنذ فترة الذهب والبترول والنحاس. لكن وضعية الأسعار تحسنت منذ السنوات الأخيرة لعوامل خارجية استفادت منها بلادنا.

2        من المشاكل التي تعيق استفادة البلد من خبراته ضعف الموارد البشرية المتوفرة وعدم مشاركة ما هو متوفر في فرص الاستفادة والمساهمة في الإنتاج والعمليات الاقتصادية لعدة اعتبارات يضيق عليها المكان.

3        ضعف السوق الداخلية وصعوبة الحصول على أسواق خارجية نظرا إلى عدة عوامل من بينها ضعف القدرة التنافسية.

4        المشاكل المتعلقة بالولوج إلى التكنولوجيا وإمكانيات التمويل نظرا لضعف رأس المال الداخلي.

5        رداءة مناخ الاستثمار حسب المؤشرات الدولية (DB).

هذه العوامل وأخرى تجعلنا من الدول الأقل استفادة من خبراتها الطبيعية (بشهادة صندوق النقد الدولي "تقرير 2012").

الاقتصادي: أخيرا هناك بطالة مرتفعة وتدهور في الصحة والتعليم أين مواطن الخلل في هذه المواضيع من خلال رؤيتكم كاقتصادي؟

إسلم ولد محمد: لا أشاطركم الرأي في أن هناك تدهورا لأن الحالة كانت أصلا متدهورة خاصة في ميادين التهذيب والصحة، وبصفة عامة فيما يتعلق بالقطاعات الاجتماعية الأساسية التي لم تحظ بأولوية حقيقية. يكفي أن ننظر إلى نسبة النفقات المخصصة من ميزانية الدولة لهذه القطاعات وتطورها عبر الزمن لنعرف الحالة المزرية لهذه القطاعات والتي هي أساس وغرض التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولا أدل على ذلك من وجود بلدنا في القائمة المتأخرة في ترتيبات مؤشرات التنمية البشرية و(Indice de developpement humain) لكن الموضوع معقد وفيه تراكمات من سوء الحكامة وقصر النظرة وعدم الصدق ... يضيق كذلك الوقت عن التطرق لها.

أما فيما يخص موضوع البطالة ورغم عدم وجود مؤشرات حديثة فإنها مرتفعة خاصة في صفوف الشباب والنساء، لا شك أن الصناعات الاستخراجية الجديدة (الذهب والنحاس والبترول) والأشغال العمومية ساعدت على إيجاد فرص عمل لكن عددها محدود بالنسبة للعرض المتزايد نتيجة البنية الديموغرافية للبلد وضعف امتصاص هذه القطاعات للبطالة (أقل من 1% حسب عدة مصادر).

للمحافظة على نسبة البطالة في 2008 (31%) –وهي من أرفع النسب في العالم- لا بد من خلق أكثر من 50 ألف فرصة عمل سنويا وأشك في أن الاقتصاد الموريتاني في شكله الحالي قادر على ذلك.

مواضيع الخلل تكمن أساسا فيما يلي:

1        ضعف القدرات والمؤهلات وملائمة العرض مع طلب اليد العاملة.

2        ضعف قطاع الصناعات الخفيفة (PME).

3        عدم تطوير واستغلال الثروة الحيوانية والزراعية.

4        سوء مناخ الاستثمار بما في ذلك مشاكل التمويل.

5        ضعف القدرة التنافسية (com pétitinté) وذلك لعدة عوامل من بينها ضعف الإنتاجية والجودة وثقافة التسيير بالإضافة إلى العراقيل الأخرى المعروفة. نقلا عن الصحراء

новинки кинематографа
Машинная вышивка, программа для вышивания, Разработка макета в вышивальной программе, Авторский дизайн